تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المعاد: 2/ 47 و 48].

قلتُ: و مع كلِّ ما كان يذهب إليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من التشديد و لزوم الأحوَط، لم يغمز قناته أحدٌ من السلف أو الخلف، و لم يصمه أحدٌ بوصمة التعسير، على وجه التخطئة و التنفير، بل غاية ما ذَهَبَ إليه مخالفوه هو عدَم موافقته في تشديداته، مع اعتبارها أمارةً على وَرَعه و حُسن اتّباعه، و عُذر مَن ذهبَ مذهبَه من الأتباع ما داموا يدورون مع الدليل مدارَه.

و لم يكن يسعهم حتى تمني خلافه فضلاً عن تبريره أو تسويغ القول و العمل به.

قال أبو عبد الله الزركشي [في المنثور: 1/ 20، 21] و هو يُعدِّدُ أنواع التمني و يعرض حكم الشرع في كلٍّ منها: السابع: تمني خلاف الأحكام الشرعية لمجرد التشهي ... قال الإمام الشافعي في (الأم) و قد روى عن عمر: (لا يُسترق عربي) قال الشافعي رحمه الله: لولا أنَّا نأثم بالتمني لتمنينا أن يكون هذا هكذا، و كأنه أراد تغير الأحكام و لم يرد أن التمني كله حرام).

قلت: فلله درّهم ما أبرَّهم، و ما أنبلهم حيث لا يسوّغون مجرّد كون الحرام حلالاً، فضلاً عن تسويغه، و الإفتاء بحلّه، و لو كان بليّ أعناق النصوص، و حشد الشواهد و الشواذ من كلّ رطبٍ و يابِسٍ، من زلاّت المتقدّمين، و هفولت المتأخّرين، و سقطات المُتابِعين.

إنّها و الله الخشية من العَبدِ للمعبود، فمن أو تِيَها فقد أوتِيَ خيراً كثيراً، و هل العِلمُ إلاّ الخشية، و ما مثل من كثر عِلمُه و قلّت خشيته إلا كمثل التاجر المدين، تكثر بين يديه العروض، ليس له منها شيء.

خاتمة

و بعد، فقد آل بنا البحث عند ختامه إلى الحديث عن الخشية، و هي جماع صفاة العالم الرباني، تسوقه إلى الحقّ، و تأطُرُه عليه أطراً.

قال صاحب الآداب الشرعيّة: (و نقل المروزي عن أحمد أنه قيل له: لمن نسأل بعدك؟ فقال: لعبد الوهاب يعني الوراق، فقيل إنه ضيق العلم فقال: رجل صالح مثله يوفق لإصابة الحق .... و قال الأوزاعي كنا نمزح و نضحك، فلما صرنا يقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسم ... و روى ابن بطة عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى: إن الفقه ليس بسعة الهذر و كثرة الرواية إنما الفقه خشية الله ... و قال الأوزاعي: بلغني أنه يقال: ويل للمتفقهين لغير العبادة , والمستحلين المحرمات بالشبهات ... و قال الشافعي رضي الله عنه: زينة العلم الورع و الحلم، و قال أيضا لا يجْمُل العلم، و لا يحسن إلا بثلاث خلال: تقوى الله , و إصابة السنة , و الخشية).

فما أحرى العاملين للإسلام؛ دعاةً و فقهاء و مُفتين إن يقفوا على الحقّ، و يقولوا به، و يردّوا عِلمَ ما اختُلِفَ فيه إلى عالمه.

لتكون السبيل محجّةً بيضاء؛ كتاباً و سنةً، مع سلامةٍ في الصدر و المنهج.

ففي ذلك السلامة، و النجاة من الندامة، و هذا غاية ما أردت بيانه في رسالتي هذه، باذلاً في طلب الحق و تقريبه للخلق وسعي، فإن أصبت فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، و إن أخطأتُ فمِن نفسي و من الشيطان، و اللهَ تعالى أسألُ أن يغفر زلّتي، و يقيل عثرتي.

و أفوّض أمري إلى الله، إنّ الله بصير بالعباد

و الحمد لله ربّ العالمين

و صلّى الله و سلّم على نبيّنا محمّد، و آله، و صحبه أجمعين


(1) كان التدرّج في التشريع في زمن الوحي، و انقطع بانقطاعه، حيث أكمَلَّ الله دينه، و أتمّ على عباده نعمته، فقال: (اليوم أكملتُ لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً) فليس لأحد بعد ذلك أن يجاري الشارع الحكيم سبحانه في التدرّج في تبليغ حكم الله تعالى، و حُكمِ رسولِه لحديثي العهد بالإسلام أو التوبة، إذ إنّ الأحكام قد استقرّت على ما قضى الله و رسوله، و بالله العصمة.
و كتب
أحمد بن عبد الكريم نجيب
(الملقّب بالشريف)
دَبْلِن (إيرلندا) في غرّة جمادى الآخرة عام 1423 للهجرة
الموافق العاشر من يوليو (تمّوز) عام 2002 للميلاد
http://www.saaid.net/Doat/Najeeb (http://www.saaid.net/Doat/Najeeb)
[email protected] ([email protected])

ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[22 - 10 - 07, 09:45 ص]ـ
أخي عبدالرحمن بارك الله فيك
ما اسم كتاب الشيخ فهد أبا حسين؟

كيف نفهم التيسير؟
وقفات مع كتاب (افعل ولا حرج).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير