ومحل الشاهد منه أن الإبقاء على أحكام الجزئيات التي تخالف مقاصد الشريعة وتؤدي إلى مشقة وإعنات، مخالف لروح الشريعة وغلط.
وأي مشقة أعظم من ذهاب الأنفس في الزحام والإثخان بالجروح والآلام، ألا يستحق الأمر اجتهادًا؟
قال ابن عابدين في نفس المعنى: «فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان، لتغيّر عرف أهله، أو لحدوث ضرورة، أو فساد أهل الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أولًا للزم منه المشقة والضرر بالناس، ولخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد، لبقاء العالم على أتم نظام وأحسن إحكام، ولهذا ترى مشايخ المذاهب خالفوا ما نصَّ عليه المجتهد في مواضع كثيرة، بناها على ما كان في زمنه، لعلمهم بأنه لو كان في زمانهم لقال بما قالوا به أخذًا من قواعد مذهبه» ([32] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn32)).
وقال أيضًا: «ثم اعلم أن كثيرًا من الأحكام التي نص عليها المجتهد صاحب المذهب بناء على ما كان في عرفه وزمانه، قد تغيرت بتغير الأزمان؛ بسبب فساد أهل الزمان أو عموم الضرورة كما قدمناه».
المطلب الثالث:
مقصد التيسير في الحج بخصوصه
وفتاوى بعض العلماء
1 - إن التصريح برفع الحرج من الشارع فيمن خالف أفعاله في الحج بقوله: «افعل ولا حرج». دليل لملاحظة مقصد التيسير في الحج، بالإضافة إلى كونه مقصدًا عامًّا في كل مناحي التشريع الإسلامي بالنصوص التي ذكرناها سلفًا، إلا أنه تجدر الإشارة إلى قوله تعالى: *$ tBur?@yèy_ö/ä3ø‹n=tæ’ÎûÈûïÏd‰9$#ô`ÏB8lt?ym4s'©#ÏiBöNä3‹Î/r&zO?Ïdºt?ö/Î)uqèdãNä39£Jy™tûüÏJÎ=ó¡ßJø9$#`ÏBã@ö6s%&[ الحج:78]، أورد في سورة الحج، وأن الحج من أهم موروث من ملة أبينا إبراهيم ×.
2 - إن الحج عبادة قرنت بالاستطاعة نصًّا، مع أن كل العبادات يشترط لوجوبها الاستطاعة، قال تعالى: *! ur’n?tãĨ$¨Z9$#?kÏmÏMø?t7ø9$#Ç`tBtí$sÜtGó™$#Ïmø ‹s9Î)Wx‹Î6y™&[ آل عمران:97]، وجاء في الحديث: «وحج البيت من استطاع إليه سبيلًا» ([33] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn33)).
وهذه نصوص تشير إلى إرادة التيسير وعدم الإعنات.
3 - إن الحج في كثيرٍ من أحكامه مبني على التخيير، والتخيير أساس التيسير.
فالحج وقته متسع، فهو واجب على التراخي عند بعض العلماء كالشافعية والمغاربة من المالكية، ويشرع فيه بإحرام بواحد من ثلاثة أنساك على سبيل التخيير، وهي: التمتع والقران والإفراد.
وكذلك التخيير في الفدية: *` uKsùtb%x.Nä3ZÏB$³Ò?Í?£D÷rr&ÿ¾ÏmÎ/“]?r&`ÏiB¾ÏmÅ™ù&§‘×pt?ô‰Ïÿsù`ÏiBBQ$u?Ϲ÷rr&>ps%y‰
¹÷rr&77Ý¡èS&[ البقرة:196].
4 - إن بعض أفعال الحج المختلف فيها بالتقديم والتأخير، كالرمي، لا يوجد بخصوصها دليل قولي من الشارع، وإنما تدخل تحت دلالة الفعل، ودلالة الفعل دلالة ضعيفة، وإن كان مستندًا إلى قوله ^: «خذوا عني مناسككم» ([34] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn34)). فمعلوم أن أفعاله ^ في الحج منها الواجب والمسنون والجائز، فيبقى الاحتمال قائمًا في تعيين أي منها، فقد حج راكبًا، وهو أمر جائز، وقد حصَّب ([35] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=686037#_ftn35))، وهو أمر مختلف في دلالته بين الجواز والاستحباب.
وقد رتب الرمي والحلق والإفاضة، وقد ثبت عنه رفع الحرج عمن خالف الترتيب.
وقد سمح لذوي أعذار خفيفة بترك المبيت بمنى، وبجمع الرمي في يوم واحد.
إلى غير ذلك من الرخص التي يشتمل عليها كتاب أخينا العلامة الدكتور سلمان العودة.
وعدمُ وجود بيان قولي مما يقرب المسألة من منطقة العفو لاحتمال أن يكون فعله ^ محمولًا على الأفضلية، ويرجح مذهب من أجاز الرمي في أي وقت من أيام منى للحاجة والمشقة.
¥