تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما في حديث عائشة الحسن في السنن عنها -رضي الله عنها- أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما سألته أَعَلَى النساء جهاد؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة)) وبناء على ذلك فأصح قولي العلماء هو وجوب العمرة.

وأما الذين قالوا بعدم الوجوب فقد قالوا إن الكتاب نص على وجوب الحج ولم ينص على وجوب العمرة.

والجواب عن ذلك ظاهر حيث إن الحج شامل للأصغر والأكبر كما دلت عليه نصوص الكتاب وكذلك الأحاديث التي وردت بالأمر بالحج يندرج تحتها العمرة.

وأما بالنسبة لقوله -رحمه الله-: [كتاب الحج والعمرة]: أي في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل التي تتعلق بالحج إلى بيت الله الحرام والعمرة، وكلتا العبادتين عظيم عند الله أجرها عظيم ثوابها؛ وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث الصحيح: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) وهما من أجلّ ما يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، وما من مسلم يخرج من بيته من أجل أداء هذه العبادة حجا كانت أو عمرة فقصدهما لوجه الله إلا كان أجره وثوابه على الله عز وجل، ولذلك عُدّ الخروج في الحج من أعظم الخروج ثواباً وأجراً كما أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في فضائل الأعمال أن منها الحج المبرور، ولا يكون الإنسان بارا في حجه إلا إذا استجمع أسباب البر التي أعظمها الإخلاص لله عز وجل، وطيب المكسب، وتحري السنة وهدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حجه، فهو منذ أن يتجرد من ثيابه، ويتجرد من مخيطه، ويلبس ثوبيه، يتأمل السنة الواردة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحج كحجه، ويعتمر كعمرته، حتى كأنه يرى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمامه في طوافه، وفي سعيه، وفي مناسكه كلها، فإذا وُفّق للكسب الطيب ووُفق للإخلاص لله عز وجل ووفق لتحري السنة كان حريا أن يرجع إلى بيته بالحج المبرور، وبخاصة إذا اتقى الله في سمعه وبصره ولسانه فلم يرفث ولم يفسق ولم يعتد حرمات الله عز وجل في إخوانه المسلمين.

يقول المصنف -رحمه الله-: [كتاب الحج والعمرة]: أي في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل التي تتعلق بالحج والعمرة.

قال رحمه الله: [يجب الحج والعمرة مرة في العمر]: يجب الحج والعمرة مرة في العمر لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما سأله الصحابي وقد قال: ((أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا)) فقام له الأقرع بن حابس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وقال: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت النبي - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم قال: ((أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا)) فقام الأقرع وقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)) وقال في اللفظ الآخر: ((لو قلت: نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ذروني ما تركتكم)) الحديث.

فقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((لو قلت نعم لوجبت)) أي لوجب عليكم أن تحجوا كل عام، فدل على أنه لا يجب الحج إلا مرة واحدة؛ لأنه لم يقل: نعم -صلوات الله وسلامه عليه-.

فالواجب مرة في العمر، وهذا من رحمة الله بعباده، ولو تصور المسلم أن الحج واجب في كل عام على المسلم لنظر في ذلك من المشقة والبلاء للناس ما الله به عليم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير