تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رحمه الله: [على المسلم]: على المسلم: لأن الكافر إذا حج لا يصح حجه؛ قال تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} فالكافر عمله قد أحبطه الله فعليه أولا أن يُسْلم ثم بعد ذلك يخاطب بفعل الحج ويصح منه حجه بعد إسلامه؛ إذاً الإسلام شرط لوجوب الحج وإجزائه وصحته، فلا يجب الحج على غير الكافر أصلا حتى يحقق أصل الإسلام بالتوحيد. وكذلك أيضاً لا يصح من الكافر لظاهر القرآن كما ذكرنا، ولا يجزيه لو حج الكافر بكفره لم يجز عن حجة الإسلام بل الواجب عليه أن يعيد حجه؛ وقد صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه بعث مناديه ينادي في الحج: ((أن لا يحج بعد العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان))، فدل على أن الحج لا يصح من الكافر.

قال رحمه الله: [العاقل]: العاقل: وهذا أيضا شرط وجوب وصحة وإجزاء، فلا يجب الحج على مجنون؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم المجنون حتى يفيق)) حتى يفيق من جنونه وهذا الحديث عن عائشة وعلي -رضي الله عنهما- حديث صحيح.

وأجمع العلماء على عدم وجوب الحج على المجنون.

قال رحمه الله: [البالغ]: البالغ: وقد تقدم معنا في الصوم من هو البالغ، سواء كان بلوغه بالسن من الرجال والنساء وهو بلوغ خمس عشر سنة، وبينا دليل ذلك، أو بالإنبات وبينا دليل ذلك، أو كان بالحيض والنفاس كما هو خاص بالنساء، فإذا بلغ فإنه يجب عليه الحج، ويجزيه الحج إذا أداه في حال بلوغه، ويصح الحج من الصبي فلو أن صبيا أحرم بالحج ولبى في الحج أو العمرة وأدى مناسك الحج والعمرة؛ صح منه ذلك؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أحرم عام حجة الوداع وبلغ فج الروحاء وهو ما يسمى اليوم ببئر الراحة اعترضه ركب فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من الركب؟ قال: المسلمون، ثم سألوا من الركب؟ قالوا: رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه. فرفعت امرأة صبيها إليه فقالت: يا رسول الله، ألهذا حج؟ قال: ((نعم ولك أجر)).

فبين أن الحج يصح من الصبي، والصبي ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون صبيا دون التمييز، ومثل أن يكون له أربع سنوات أو ثلاث سنوات أو حتى يحمل كالصبي الذي يحمل كذي السنة أو السنتين فإذا كان كذلك فهو دون التمييز، وإما أن يكون مميزا يعلمه أبوه أو وليه فيؤدي المناسك. فأما بالنسبة للصبي غير المميز؛ فإنه يحرم عنه وليه؛ سواء كان رجلا أو امرأة، فيجوز للأم أن تلبي عن صبيها وصغيرها، ويجوز للأب أن يلبي عن صبيه وصغيره، ثم إذا أحرم الأب أو أحرمت الأم عن الصغير والصغيرة قام بمناسك الحج بالنية عنه، وطاف به ولو محمولا يطوف عن نفسه، ثم يطوف عنه وسنبين هذا، ثم إذا حصل إخلال من هذا الصبي لزم الولي في ماله ولا يلزم في مال الصبي؛ لأنه هو الذي أحرم.

وأما إذا كان الصبي مميزا؛ فله حالتان: الحالة الأولى أن يرغب الصبي بنفسه، فيحرم من نفسه ويطلب ذلك، فإذا حصل منه إخلال وجب ضمانه في ماله كما لو ارتكب جناية، وقد سوي بين حق الله وحق المخلوق في الضمانات.

وأما إذا كان وليه هو الذي أمره وهو الذي ألزمه؛ فمذهب طائفة من العلماء بوجوب الفدية على الولي والإخلالات عليه.

أما من حيث صحة الحج فالحج والعمرة يصحان من الصبي سواء كان مميزا أو كان غير مميز، ثم إذا كان مميزا علمه والده الأذكار والأفعال ودله عليها وأرشده إليها، وقام بها الصبي بنفسه أصالة إلا أن يعجز فيوكل فيما تدخله الوكالة. فبيّن رحمه الله أن البلوغ شرط من شروط الحج، والمراد بهذا الشرط أنه شرط إجزاء ووجوب وليس بشرط صحة، وعلى هذا فإنه يصح الحج من الصبي ولا يجب عليه.

قال رحمه الله: [الحر]: الحر ضد المملوك، وعلى هذا فإنه إذا حج المسلم البالغ العاقل الحر صح حجه وأجزأه عن حجة الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير