وميقات الحج الزماني دل عليه دليل الكتاب في قوله-سبحانه-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات} وحده رسول الله -?- ابتداءً، فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا)) وهذا في يوم عيد الأضحى، وهو يوم النحر، صبيحة يوم النحر قال: ((من صلى صلاتنا هذه - يعني بالمزدلفة - ووقف موقفنا هذا وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه وقضى تفثه)) فكأنه جعل ميقات الزمان ينتهي بطلوع الفجر من صبيحة اليوم العاشر، وفي الحقيقة عشر من ذي الحجة ليست بكاملها داخلة في الميقات، لأنه لو أحرم بعد طلوع الفجر الصادق في يوم العيد لم يصح إحرامه بالحج، وهكذا لو جاء الوقوف لم يدرك وقوفه بعرفة أحرم ولكن لم يدرك الوقوف لحظة قبل طلوع الفجر من صبيحة يوم النحر، فحينئذٍ يتحلل بعمرة، ويقضي حجه من عام قابل، وعليه الدم كما هو قضاء عمر في هبار بن الأسود لما فاته الحج.
الشاهد أن هذا الميقات ميقات زماني، لماذا يقولون: عشر من ذي الحجة؟ ليس المراد أنه في اليوم العاشر ينوي الحج، لأنه لا يتأتى منه ذلك، إنما هذا دقة من العلماء-رحمة الله عليهم- لأنهم لا يستطيعون، عندك الآن عشية عرفة الذي هو اليوم التاسع ينتهي اليوم التاسع بمغيب الشمس، هذا الأصل، فالأصل أن التاسع من ذي الحجة تنتهي بمغيب الشمس، لكن لما مد الشرع الموقف إلى طلوع الفجر دخل اليوم العاشر لكن لم يدخل بكماله، وإنما دخل بصورة مؤقتة محددة معروفة معهودة، فلذلك يقولون: وعشر من ذي الحجة، وهذا على سبيل التنبيه على أن ليلة النحر داخلة في الإحرام، فيجوز لك أن تحرم وأن تقف بعرفة وتكون مدركاً للحج، لا أن العشرة بتمامها وكمالها تعتبر محلاً للنسك، هذا لا يقول به أحد، لا يقول إنه لو جاء صبيحة يوم العيد بعد طلوع الفجر وقال: لبيك حجاً، لم ينعقد حجه، وهل تنقلب عمرة أو يفسد إحرامه وجهان مشهوران عند العلماء-رحمة الله عليهم-، إذا لم يكن الزمان زمان حج؛ لكن قالوا: عشر من ذي الحجة تنبيهاً على هذا؛ لأن كل يوم تكون عشية النهار عشيته متى؟ في الليلة التي تسبقه، فيكون اليوم يسبقه ليلته ثم بعد ذلك النهار، ولكن في يوم عرفة العكس، يكون النهار ثم بعد ذلك عشية عرفة بالليل، وهذا الذي دعا بعض العلماء يقول: الرمي رمي الجمار يستمر في أيام التشريق إلى طلوع الفجر من سحب الليالي، فجعل ليلة الحادي عشر لما بعد؛ لأن ليلة النحر تكون لليلة التاسعة حكماً، ولذلك صح فيها الإحرام، ثم بعد ذلك في يوم العيد ترمي جمرة العقبة إلى طلوع الفجر من صبيحة الحادي عشر؛ وحينئذٍ كأنك سحبت ليلة الحادي عشر إلى العاشر، ثم تسحب ليلة الثاني عشر إلى الحادي عشر، وتسحب ليلة الثالث عشر للثاني عشر، هذا بالنسبة لمن يقول: بأن الرمي يستمر إلى طلوع الفجر، كأنهم رأوا أن استمرار الوقوف إلى طلوع الفجر صبيحة يوم النحر هذا وجهه وهذا حكمته، وهذه هو السر في قول العلماء: وعشر من ذي الحجة، هذا بالنسبة لابتداء الحج.
انتهاء الحج له ميقات آخر، يقولون: شوال وذو القعدة وذو الحجة، بمعنى أنه إذا طاف طواف الإفاضة قبل مغيب شمس آخر يوم من ذي الحجة فإنه لا فدية عليه، لا تلزمه الفدية؛ لأن الركن وقع في الميقات الزماني، وأما إذا أوقعه بعد مغيب شمس آخر يوم من ذي الحجة؛ فحينئذٍ يكون أشبه بالقضاء ويلزمه دم جبراناً لهذا النقص؛ فحينئذٍ إذا قالوا: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة قصدهم الابتداء، يعني الدخول بنية النسك، وإن أرادوا التمام والكمال إتمام المناسك من شوال وذي القعدة وذي الحجة، فتجد بعض الأحيان لبسا، حتى أن بعض الأحيان قد يستغرب بعض طلاب العلم، يقول: كيف يقولون؟
قال بعض العلماء: إنها شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملة، وكيف يقال: إنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. فوجهها أنه تارةً يؤقت الحج ابتداءً، وتارةً يؤقت الحج انتهاءً.
وفائدة الخلاف: فيمن أخر طواف الإفاضة إلى آخر لأنك إذا قلت عشرة من ذي الحجة يرى بعض العلماء أنك إذا قلت: عشرة من ذي الحجة تأقيتاً يقولون: لو طاف طواف الإفاضة في اليوم الأول من أيام التشريق يلزمه الدم؛ لأنهم يرون أنه لابد من إيقاعه في يوم النحر؛ لأن النبي-?- أوقعه في يوم النحر وحينئذٍ يرونه تأقيتاً وإلزاماً بيوم النحر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع بإذن الله تعالى
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[08 - 11 - 07, 02:29 ص]ـ
سأكمل بإذن الله في وقت لاحق، وذلك لأسباب معينة
ثم في الأخير سأضع شرح الكتاب كاملا في ملف واحد للتحميل
وفقنا الله وإياكم
ـ[مشتاق حجازي]ــــــــ[12 - 11 - 07, 04:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي الكرام ..
رأيت من المناسب وضع الملف كاملاً بدل تقطيع الدروس تباعا وذلك لما يلي:
1 - محافظة على سلامة النص من تغيير لفظة الجلالة والصلاة على النبي بسبب اختلاف برامج الوورد ونحو ذلك.
2 - سهولة الحصول على المذكرة كاملة بدل جمعها وإعادة ترتيبها وخشية السقط بين ذلك.
3 - سهولة طباعتها سريعا، وقراءتها مطبوعة أفضل من قراءتها كمبيوتريا (ابتسامة إن صحّ هذا اللفظ)
4 - قلة الوقت لدي من إنزالها درسا درسا.
5 - رغبة كثير من الإخوة في ذلك.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق والعلم النافع الشافع، والعمل الصالح والإخلاص والقبول، وحسن الختام، ورضا الرب الكريم.
والسلام عليكم ورحمة الله.
والملف بالمرفقات ....
¥