تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاء حديث عائشة،

حديث عائشة أنت بالخيار بين أمرين:

إما أن تقول: عائشة مدنية، ومن أهل المدينة، وأمرها النبي-?- أن تخرج إلى الحل، فيكون دليل على أن أهل المدينة يجوز لهم أن يتركوا ذا الحليفة وأن يحرموا من طرف مكة وأن يدخلوا مكة محرمين، وهذا لا قائل به وهو خلاف السُّنة.

وإما أن تقول: إن عائشة في حكم أهل مكة، أحد أمرين:

الأول: إما أن تقول إنها آفاقية.

والثاني: إما أن تقول إنها مكية، وليس هناك فرض ثالث، فأصبحت إما مكية وإما آفاقية، فلما أمرها أن تخرج إلى الحل فهمنا من هذا أن العمرة يجمع فيها بين الحل والحرم، بخلاف الحج فإنه لو أحرم من الحرم سيخرج إلى عرفات وهي خارج حدود الحرم فيجمع بين الحل والحرم في نسكه، قالوا: فالحج أخف وكان إحرامه من حيث أنشأ في حجه.

واستثنيت العمرة لورود النص عنه-عليه الصلاة والسلام- في عائشة تنبيهاً من الشرع، ولذلك يقول بعض العلماء: لولا حديث عائشة لأشكل الأمر في عمرة المكي، هذا على القول بأن المكي يعتمر، لأشكل الأمر في عمرة المكي؛ لأنه لو كان يحرم من مكانه وموضعه كان الأفضل له أن يطوف بالبيت، وهذا الذي جعل بعض السلف يقول كعطاء وغيره لا يرى لأهل مكة أن يعتمروا؛ لأنهم يرون أن عمرتهم أن يطوفوا بالبيت؛ لأنه إذا كان يحرم من نفس مكة فالأفضل بدلاً من أن يذهب إلى بيته وأن ينوي من بيته ويرجع هذه الخطوات الأفضل أن يقضيها وهو يطوف بالبيت، ولذلك قال: لا أدري هؤلاء الذين يذهبون إلى التنعيم - يعني يتكلفون الذهاب إلى التنعيم والخطى إلى التنعيم - هلاّ جعلوا هذه الخطى في الطواف بالبيت، فهذا أفضل وأكمل، لأن المقصود من العمرة أن يزور البيت، وأن يطوف بالبيت، فهذا هو وجه تشديد بعض السلف في عمرة المكي، وهو يقوى على مذهب من يقول: إن المكي يحرم بالعمرة من نفس موضعه من مكة، وهو قول ضعيف، لكن السُّنة لما ألحت عائشة-رضي الله عنها- على النبي-?-، وكان لا يرد سائلاً سأله-بأبي وأمي صلوات الله سلامه عليه- أذن لها.

وهذا الإلحاح من عائشة كان فيها خير للمسلمين، فقد بت في هذه المسألة وبين أن المكي إن نوى العمرة فإنه ينويها من الحل، ولو قلنا: إن المكي لا يعتمر، فإنه على القول بأنه لا يعتمر، قد يعتمر ويشرع له أن يعتمر كأن يريد أن يعتمر عن أبيه، يريد عمرة عن أبيه، فإنه حينئذٍ يخرج إلى الحل، فحتى عند من يقول: إن المكي لا يعتمر فقد تكون عمرة عن الغير، فيحتاج إلى أن يعرف ما ميقاته، فهو يقول: لو لا حديث عائشة لأشكل الأمر، يعني كيف المكي يحرم من موضعه إذ يستوي حينئذٍ يستوي هو والطائف، يعني يكون هو والطائف على حد سواء، ممكن أي شخص وهو يطوف بالبيت ينويها عمرة وهو مكي، ممكن وهو داخل الحرم يقول: نويت العمرة ويأتي ويطوف بالبيت ويذهب ويسعى ثم يتحلل، فيقول: أشكل الأمر، ولكن لما جاء حديث عائشة وأمرها أن تنزل إلى حدود الحل دل على أن المكي في عمرته لابد أن يجمع بين الحل والحرم، كما أنه في نسك الحج قد جمع بين الحل والحرم.

فهذا بالنسبة للثلاثة الأنواع:

من كان آفاقياً.

ومن كان دون المواقيت وليس من أهل مكة.

ومن كان داخلاً في حدود حرم مكة.

يستوي في المكي أن يكون من أهل المساكن - هذا في القديم - أو ضواحي مكة التي لا تخرج عن حدود الحرم، لأنه في القديم كانت هناك المساكن وهي مكة القديمة التي هي بمساكنها، وكان ربما أن الإنسان لو وصل إلى قبور المعلاة لا يجد مساكن، ويبدأ في منقطع الطريق ويجد فقط الناس أرسالاً، لأنها كأنها يعني خارج المساكن ذاتها، ولذلك تجدهم يقولون: أهل مكة ومن في حكمهم داخل الحرم، أما يومنا هذا تكاد تكون مكة ممتلئة، وهذا يقول العلماء: أهل مكة وذي طوى.

ذي طِوَى أو طَوَى أو طُوَى لأنه مثلث الطاء، الوادي المعروف الذي يسمى الآن بـ (الزاهر)، فهذا الوادي كان في القديم فيه زروع وفيه مساكن وفيه أناس، فكانوا يقولون: أهل مكة ومن في حكمهم ممن هم داخل حدود الحرم.

[وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة]: بعد أن فرغ رحمه الله من بيان ميقات الحج المكاني، شرع في ميقات الحج الزماني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير