تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أماقبل نفخ الروح: ففيه خلاف بين أهل العلم-رحمهم الله-، والذي دل عليه حديث ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضعة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فيؤمر بنفخ الروح فيه)) فدل هذا الحديث على أن نفخ الروح يكون بعد المائة والعشرين يوم، ومن هنا اختلف فيما قبل نفخ الروح هل يجوز أو لا يجوز؟

فمن أهل العلم -رحمهم الله- من حرم ذلك ومنعه وقال إنه لا يجوز.

ومن أهل العلم من رخص فيه وجوز، وكلا القولين موجود في المذاهب الأربعة.

إلا أن الذين شددوا من الحنفية، والمالكية، وبعض أصحاب الإمام أحمد، والشافعية استدلوا بأدلة صحيحة قوية، فإن الأصل في الأجساد والأرواح أنه لا يجوز الإقدم على العبث بها أو تعريضها للتلف، أو تغيير الخلقة وهذا أصل دلت عليه نصوص الكتاب والسنة.

فإن الله لما ذكر قبائح الشيطان بين منها تغيير الخلقة: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} فأخبر الله-تبارك وتعالى- أن مما يسوله الشيطان لعصاة بني آدم العبث في خلقته، وقد نص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث الصحيح الذي تقدمت الإشارة إليه أن ما قبل نفخ الروح من الخلقة، ولذلك قال: ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك)) ولذلك قال: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} فدل على أنها من الخلقة.

ونص السنة يدل أيضاً على أنه لا يجوز العبث في الخلقة حتى إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما لعن الواشرة، والمستوشرة، والواصلة، والمستوصلة، والواشمه والمستوشمة قال: ((المغيرات خلق الله)) فجعل العلة في اللعن-والعياذ بالله- إقدامهن على تغيير خلقة الله عز وجل، وثبت في الحديث الصحيح من كلامه-عليه الصلاة والسلام- بنص الكتاب والسنة على أن مراحل التخليق خلق قال: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} فهذا يدل على أنها مخلوقة وأنها من خلقة الله-سبحانه وتعالى-؛ لأنه نسب الخلقة إليه، فالإقدام على إتلاف هذه الخلقة وإزهاقها الأصل الشرعي يقتضي تحريمه، ولم نجد في كتاب الله، ولا سنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تفريقاً بين ما قبل نفخ الروح وما بعد نفخ الروح.ثم استدلوا بالعقل بدليل وهو النظر الصحيح وهو قياس قوي جداً وهو أن جمهور العلماء - لكن منهم بعض أصحاب المذاهب - قالوا: إن هذه لم تخلق قالوا لهم أرأيتم بيض الصيد فإن الله حرم علينا قتل الصيد فسئلوا عن بيض الصيد هل يجوز إتلافه؟ قالوا لا يجوز وفيه الضمان، مع أن بيض الصيد سيؤول إلى الخلقة المكتملة وهذا يدل على حرمة الإقدام على إتلاف هذه الأشياء، ثم لا يشك عاقل هذا خلق الله عز وجل الذي سينتهي إلى الخلقة المعتبرة شرعاً فبأي دليل يقدم على إسقاطه ومنعه من البقاء؟

رابعاً: أن هذا الفعل مخالف للأصول الشرعية فإن من المقاصد الأصلية في النكاح تكثير سواد الأمة، وتكثير النسل نسل الأمة، وهذا يضاده تماماً: ((تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مفاخر بكم الأمم)) وهذا يمنع من مقصود الشرع من النكاح.

فالذي تطئمن إليه النفس من حيث الأصول الشرعية والأدلة: أنه ليس هناك دليل قوي يدل على جواز الإقدام على إسقاط الأجنة قبل التخلق أو بعد التخلق، أو قبل نفخ الروح أو بعد نفخ الروح، وهذا الأصل تدل عليه أدلة الكتاب والسنة، وكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخبر أن الروح لا تنفخ إلا بعد المائة والعشرين يوماً ليس فيه دليل على جواز إتلاف هذه الروح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير