تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[12 - 07 - 08, 05:15 م]ـ

وهذه فتوى للشيخ الفوزان تتعلق بهذه المسألة ولعل فيها ما أشار إليه الشيخ عبد الرحمن من التفريق بين الربا وبين غيره , وإن كان الشيخ الفوزان يرجح التصدق به أو صرفه في الأعمال الخيرية.

قال الشخ: صالح الفوزان:

التوبة مطلوبة وواجبة على العبد من كل ذنب في أسرع وقت ممكن قبل فوات أوانها، قال الله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيماً (17) وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً) الآيتان من سورة النساء 17، 18.

والربا من أعظم الذنوب بعد الشرك، فهو أحد السبع الموبقات فتجب المبادرة بالتوبة منه على من كان يتعاطاه، فإذا من الله على المرابي فوفقه فتاب وقد تعامل بالربا فماذا يفعل للتخلص من أموال الربا- إنه لا يخلو من إحدى حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه بعد ففي هذه الحالة قد أرشده الله تعالى إلى أن يسترجع رأس ماله ويترك ما زاد عليه من الربا فلا يستوفيه ممن هو في ذمته-قال الله تعالى: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)

قال الإمام القرطبي رحمه الله: (روى أبو داود عن سليمان بن عمر عن أبيه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: ألا إن كل ربا الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموال لا تظلمون ولا تظلمون) -سنن أبي داود- فردهم تعالى مع التوبة إلى رؤوس أموالهم وقال لهم (لا تظلمون) في أخذ الربا (ولا تظلمون) في مطل لأن مطل الغني ظلم- فالمعنى: أنه يكون القضاء مع وضع الربا- إلى أن قال: قوله تعالى: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم).

تأكيد لإبطال ما لم يقبض منه وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه (تفسير القرطبي 3/ 365) وقال الإمام ابن القيم: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم).

يعني إن تركتم الربا وتبتم إلى الله منه وقد عاقدتم عليه فإنما لكم رؤوس أموالكم لا تزادون عليها فتظلمون الآخذ ولا تنقصون منها فيظلمكم من أخذها، فإن كان هذا القابض معسراً فالواجب إنظاره إلى ميسرة وإن تصدقتم عليه وأبرأتموه فهو أفضل لكم وخير لكم (التفسير القيم لابن القيم (172 - 173)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه على أن التراضي بين الطرفين على فعل محرم لا يبيحه قال: وهذا مثل الربا فإنه وإن رضي به المرابي وهو بالغ رشيد لم يبح له ما فيه من ظلمه. ولهذا له أن يطالبه بما قبض منه في الزيادة ولا يعطيه إلا رأس ماله وإن كان قد بذله باختياره (مجموع الفتاوى 151/ 126) وقال أيضاً: وهذا المرابي لا يستحق في ذمم الناس إلا ما أعطاهم أو نظيره، فأما الزيادات فلا يستحق شيئاً منها- لكن ما قبضه قبل ذلك بتأويل يعفى عنه وأما ما بقي له في الذمم فهو ساقط لقوله تعالى (وذروا ما بقى من الربا) سورة البقرة من الآية 278.

الحالة الثانية: أن يكون التائب من الربا قد قبضه وتجمعت عنده أموال منه والفتوى في هذا خطيرة جداً- وأنا أنقل في هذا قاعدة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: (قاعدة في المقبوض بعقد فاسد وذلك أنه لا يخلو إما أن يكون العاقد يعتقد الفساد ويعلمه أو لا يعتقد الفساد- فالأول يكون بمنزلة الغاصب حيث قبض ما يعلم أنه لا يملكه- لكنه بشبهة العقد وكون القبض على التراضي هل يملكه بالقبض أو لا يملكه؟ أو يفرق بين أن يتصرف فيه أو لا يتصرف – هذا فيه خلاف مشهور في الملك. هل يحصل بالقبض في العقد الفاسد- وأما إن كان العاقد يعتقد صحة العقد مثل أهل الذمة فيما يتعاقدون بينهم من العقود المحرمة في دين الإسلام مثل بيع الخمر والربا والخنزير فإن هذه العقود إذا اتصل بها القبض قبل الإسلام والتحاكم إلينا أمضيت لهم ويملكون ما قبضوه بها بلا نزاع لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين) الآية 278 البقرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير