ذهب الشيخ الحميدي حفظه الله في رسالته المزدلفة إلى أن حد مزدلفة هو حد الحرم من جهة عرفة بعد عرنة مباشرة، وهذا يعني أن المسافة بين عرفة ومزدلفة قد لاتتعدى نصف الكيلومتر! فتكون قريبة جدا من عرفة، وعند تأمل الأحاديث الواردة في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم يتبن خلاف ذلك، ولعلي أذكر بعض الأحاديث التي تفيد بعد المسافة بينهما:
جاء في صحيح مسلم - في حديث جابر الطويل في صفة الحج
ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على الحبال وهي الجبال الصغيرة وهي التي في طريق المشاة إلى مزدلفة،وسار مسافة طويلة يتخللها عدد من الحبال، وصعد وهبط،وكان يحث الناس على السكينة وكان يسير العنق وإذا وجد فجوة نص، وهذا كله قبل أن يصل مزدلفة، كما قال جابر رضي الله عنه (حتى أتى مزدلفة)، فكيف تكون المسافة بين عرفة ومزدلفة مسافة قريبة جدا لايتخللها شيء من الحبال كما ذهب إليه الشيخ الحميدي مع ما ذكره جابر رضي الله عنه من مرور النبي صلى الله عليه وسلم بها قبل وصلوه إلى مزدلفة؟
فائدة:
جاء في تبيين الحقائق ج2/ص27ومن عرفات إلى المزدلفة فرسخ ومن المزدلفة إلى منى فرسخ ومن منى إلى مكة فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال.
في معجم لغة الفقهاء الفرسخ 3 أميال = 1200 ذراعا = 5544 مترا
فهذا يدل على بعد المسافة بين عرفة ومزدلفة وأنها نحو الفرسخ وليست نحو نصف الكيلو كما ذهب إليه الشيخ الحميدي حفظه الله.
فائدة أخرى: (بعض عرنة في الحل وبعضها في الحرم)
جاء في أخبار مكة للأزرقي -
أضاة النبط: بعرنة في الحرم، كان يعمل فيها الآجر، وإنما سميت أضاة النبط؛ أنه كان فيها نبط بعث بهم معاوية بن أبي سفيان يعملون الآجر لدوره بمكة، فسميت بهم.
فما ذهب إليه الشيخ الحميدي من أن مزدلفة تبدأ من أول الحرم فيه نظر، فالأزرقي يذكر هنا أن هذا الوادي في حدود الحرم وهو من عرنة وليس من المزدلفة.
وسيرد ذكر أدلة متعددة خلاف ما ذهب إليه الشيخ حفظه الله، وكذلك مناقشته في معنى المأزمين وغيرها، وسيكون الرد الموسع في الرسالة المطبوعة إن شاء الله تعالى، حيث تستوفي هناك الأدلة والرد المفصل.
يتبع إن شاء الله تعالى ...
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[27 - 11 - 07, 02:34 ص]ـ
الكلام على ألفاظ أثر عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه:
ذكرت فيما سبق أن الصواب في رواية هذا الحديث أنه عن عبدالله بن عمرو بن العاص وليس عن عبدالله بن عمر وعبدالله بن عمرو.
بقي الكلام على ألفاظ الأثر والمقارنة بين الروايات الواردة وبيان عدم صحة رواية (ووضعت أيديها في الحرم)، وبيان ذلك كما يلي:
جاء في مصنف ابن أبي شيبة - (3/ 807)
14982 - حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام؟ فسكت حتى إذا تهبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام.
وفي سنن البيهقى - (5/ 123)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبى عمرو قالا حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبى إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: سألت عبد الله بن عمرو وهو واقف بعرفة عن المشعر الحرام فسكت حتى أفاض وتلبطت أيدى الركاب فى تلك الجبال فقال: هذا المشعر الحرام.
كذا قال عبد الله بن عمرو وقيل عبد الله بن عمر.
وفي تفسير الطبري - (4/ 176)
حدثنا هناد، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام،
فقال: إذا انطلقت معي أعلمتكه. قال: فانطلقت معه، فوقفنا حتى إذا أفاض الإمام سار وسرنا معه، حتى إذا هبطت أيدي الركاب، وكنا في أقصى الجبال مما يلي عرفات قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ أخذت فيه! قلت: ما أخذت فيه؟ قال: كلها مشاعر إلى أقصى الحرم.
3807 -
¥