ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[28 - 11 - 07, 09:04 ص]ـ
استدلال الشيخ الحميدي بحديث جبير بن مطعم عن الحمس:
يقول الشيخ
– جبير بن مطعم رضي الله عنه:
عن جبير بن مطعم قال:" أضللت بعيراً فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت النبي صلى الله عليه واقفاً بعرفة فقلت: هذا والله من الحُمس، فما شأنه ههنا".
قال الحافظ في الفتح:" وفي رواية الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة وابن أبي عمر جميعاً عن سفيان بن عيينة: فما له خرج من الحرم ..
قال سفيان: الحمس يعني قريشاً وكانت لا تتجاوز الحرم ويقولون نحن أهل الله لا نخرج من الحرم. وكان سائر الناس يقفون بعرفة ..
وأخرجه ابن خزيمة وإسحاق بن راهوية من طريق ابن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن عمه نافع بن جبير عن أبيه قال: " كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة، ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم، وقد تركوا الموقف بعرفة".
وهذا يدل على أن المزدلفة هي منطقة الحرم إلى نهاية حدود الحرم مما يلي عرفات فتأمل قول جبير بن مطعم "كانت قريش تدفع من المزدلفة ويقولون لا نخرج من الحرم".
والجواب على هذا أن يقال:
الحمس إما أنهم كانوا يقفون بالمزدلفة أثناء وقوف الناس بعرفة كما قالت عائشة رضي الله عنها،ولكن ذلك لايمنعهم من التنقل في حدود الحرم غير مزدلفة لايتجاوزنه، فهذا توجيه حديث عائشة رضي الله عنها، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى عند ذكر الشيخ الحميدي له بعد هذا الحديث.
وإما أن الحمس كانوا يقفون بحدود الحرم بعد مزدلفة في أقرب مكان لعرفة و يفيضون لمزدلفة من خارجها من حدود الحرم ولا يتجاوزون الحرم، وفي قول الله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) ما يمكن أن يستدل به على أن الحمس كانوا يفيضون للمزدلفة ولكنهم يخالفون الناس في ذلك ولايتعدون حدود الحرم
جاء في أخبار مكة للأزرقي (1/ 189)
(فتقف الحلة على الموقف من عرفة عشية عرفة وتقف الحمس على أنصاب الحرم من نمرة فإذا دفع الناس من عرفة وأفاضوا أفاضت الحمس من أنصاب الحرم وأفاضت الحلة من عرفة حتى يلتقوا بمزدلفة جميعا وكانوا يدفعون من عرفة إذا طفلت الشمس للغروب وكانت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم فإذا كان هذا الوقف دفعت الحلة من عرفة ودفعت معها الحمس من أنصاب الحرم حتى يأتوا جميعا مزدلفة فيبيتون بها حتى إذا كان في الغلس وقفت الحلة والحمس على قزح فلا يزالون عليه حتى إذا طلعت الشمس وصارت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم دفعوا من مزدلفة وكانوا يقولون أشرق ثبير كيما نير أي أشرق بالشمس حتى ندفع من المزدلفة فأنزل الله في الحمس ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس يعني من عرفة والناس الذين كانوا يدفعون منها أهل اليمن وربيعة وتميم).
ويدل على هذا ما جاء في تفسير قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)
جاء في تفسير ابن كثير - (1/ 555)
{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}
"ثم" هاهنا لعطف خبر على خبر وترتيبه عليه، كأنه تعالى أمر الواقف بعرفات أن يَدْفَع إلى المزدلفة، ليذكر الله عند المشعر الحرام، وأمره أن يكون وقوفه مع جمهور الناس بعرفات، كما كان جمهور الناس يصنعون، يقفون بها إلا قريشًا، فإنهم لم يكونوا يخرجون من الحرم، فيقفون في طرف الحرم عند أدنى الحِل، ويقولون: نحن أهل الله في بلدته، وقُطَّان بيته.
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن حازم، حدثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يُسَمّون الحُمْس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات. فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يَأتَي عرفات، ثم يقف بها ثم يُفيض
منها، فذلك قوله: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.
وكذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وقتادة، والسدي، وغيرهم. واختاره ابن جرير، وحكى عليه الإجماع، رحمهم الله.
وقال الإمام أحمد، حدثنا سُفْيان، عن عمرو، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: أضللتُ بعيرًا لي بعرفة، فذهبت أطلبه، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف، قلت: إن هذا من الحَمْس ما شأنه هاهنا؟
¥