تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونظير ه?ذا قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم))، هل المراد أنه حل له الفطر أو أفطر فعلا؟ نعم فقد حل له الفطر ه?ذا أحد القولين، القول الثاني فقد أفطر حكما يعني انتهى صومه.

هنا قد حل يحتمل المعنيين:

أحدهما (فَقَدَ حَلَّ) فقد جاز له الإحلال من نسكه.

والثاني (فَقَدَ حَلَّ) أي تحلل سواء كان مختارا للحل أم لا.

قال: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) لماذا؟ لأنه محرم بالحج فلزمه الحج.

يقول: (قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَأَلْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ? فَقَالا: صَدَقَ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.)

ه?ذا الحديث كما نشاهد من باب الإحصار وليس من باب الفوات.

فيستفاد منه أن الإحصار يحل من غير العدو؛ لأن الكسر والعرج ليس عدوا.

ويستفاد منه أيضا أنه إذا حصل ذلك جاز للإنسان أن يتحلل، فماذا يصنع؟ يذبح هديا ويحلق رأسه؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بحلق الرأس والله في القرآن أمر بالهدي، ?فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ? [البقرة:196]، ويذهب إلى أهله كما رجع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عمرة الحديبية إلى المدينة بدون اعتمار.

ويستفاد من ه?ذا الحديث وجوب القضاء لقوله (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) أضفه إلى حديث ابن عباس السابق (حَتَّى اِعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً) فيدل على أن المحصر يلزمه القضاء، وإلى ه?ذا ذهب الإمام أحمد في المشهور عنه وكثير من أهل العلم.

والقول الثاني أنه لا يلزمه القضاء إذا أحصر، إلا إذا كان الحج الذي أحصر فيه فريضة الإسلام أو كان واجبا بنذر فيلزمه القضاء لا من أجل الإحصار ولكن لأجل الأمر السابق -الفريضة أو النذر-.

الذين قالوا بوجوب القضاء الحديث ظاهر في تأييدهم؛ لأنه قال: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ).

والذين قالوا: لا يجب عليه القضاء، قالوا: الله لم يذكره في القرآن، إنما أوجب ما استيسر من الهدي، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكره في سنته إنما أوجب الحلق، وليس في المسألة إجماع حتى يكون دليلا عليه، فانتفاء الدليل الموجب يدل على عدم الوجوب؛ لأن الأصل براءة الذمة.

ثم قالوا: عندنا دليل إيجابي في عدم الوجوب، وهو أن الواجبات تسقط بالعجز، وه?ذا الذي شرع في النّسك وهو ليس بواجب شرع في نفل، ولما شرع فيه وجب عليه إتمامه، إتمامه عجز عنه بالحصر من عدو أو غيره، والواجبات تسقط بالعجز، فه?ذا دليل على عدم الوجوب، فصار دليل القائلين بعدم الوجوب مركّب من دليلين:

• البَراءة الأصْلية.

• ودليل آخر موجب؛ أي مُثبت لعدم وجوب القضاء.

البراءة في أي شيء استدللنا به في أن الله ذكر الحصر وذكر ما يجب فيه وهو ما استيسر من الهدي ولم يذكر القضاء؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر الحصر وأوجب فيه الحلق ولم يوجب القضاء، ه?ذا دليل براءة الذمة.

الدليل الإيجابي أن نقول: إن ه?ذا النسك ليس بواجب ابتداء؛ لأنه سنة، وإنما الواجب إتمامه، وإتمامه تعذر بالعجز عنه، الواجبات تسقط بالعجز.

ولم يوجب الله عز وجل على عباده الحج والعمرة إلا مرة واحدة فقط لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الحج مرة فما زاد فهو تطوع))، نحتاج الجواب على ه?ذا الدليل.

أما حديث ابن عباس أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتمر عاما قابلا، فنحن إذا قلنا: لا يجب القضاء لسنا نقول: لا يجوز القضاء؛ بل ننفي الوجوب دون الجواز، ونقول: يجوز أن يقضي؛ بل نقول: إنه يستحب أن يقضي إقتداءً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وأما الحديث الذي معنا فنقول: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) يحتمل أن يكون ه?ذا قضاء ويحتمل أن يكون ه?ذا أداءً؛ أي أنه يحتمل الحديث يمن كسر أو عرج في الفريضة، فقال: (وَعَلَيْهِ اَلْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ) ويحتمل أن يكون في نافلة فيلزم القضاء.

والمعروف أنه إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال، وحينئذ يجب حمل الحديث على ما تدل عليه الأدلة السابقة، وهو أن يكون الإحصار في فريضة، ومعلوم أنه إن كان الإحصار في فريضة فإنه يجب عليه القضاء.

%%%%

انتهى كتاب الحج، والحمد لله رب العالمين

ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[02 - 12 - 07, 05:31 ص]ـ

الخط غير واضح

الرجاء تصحيح الخلل

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير