تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما الشق الآخر، وهو عند ما تكون الشركة شركة ملك؛ فإنّ الذي يظهر لي أنه لا يجوز - أيضاً- تحديد الثمن والربح مسبقًاً؛ لأنّ السلع والعقارات ونحوها تتغير أثمانها وقيمتها، وفي اشتراط البيع بثمن معين في عقد الشركة: ضمان لرأس المال مع الربح، كما أنه يدل على أن العقد ليس المقصود منه الشركة أصلاً، وإنما هو عقد تمويل مع أخذ فائدة عليه، فيدخل في القرض الربوي - والله أعلم -.

يتبين مما تقدم أن المشاركة المتناقصة بصيغة اشتراط عقد البيع بثمن محدد في عقد الشركة لا يجوز؛ لما يؤدي إليه هذا التركيب من المفاسد السابقة.

ولكن إذا شرط البيع دون تحديد الثمن، وإنما شرط البيع بثمن المثل أو بسعر السوق فهل يكون ذلك جائزًا أو لا؟

مثال ذلك: أن يقول أشاركك في كذا بشرط أن أبيعك نصيبي بعد سنة بسعر السوق.

فالذي يظهر: أن هذا التركيب في هذه الحالة يؤدي إلى جهالة الثمن، فتكون من الصور المحرمة.

علمًا بأن هذه المسألة، وهي تعليق البيع على سعر السوق لاحقًا، تختلف عن مسألة البيع بسعر السوق عند إنشاء العقد، والتي أجازها بعض الفقهاء، ويمكن أن تصاغ هذه الصورة بالكيفية السابقة، وهي شرط البيع بسعر السوق، مع جعل الخيار للمشتري أو للعاقدين. ففي هذه الحالة يجوز ذلك وتنتفي الجهالة المؤثرة في العقد (31). والله أعلم.

لكن يبقى ما يؤدي إليه التركيب من (بيع ما ليس عندك) أو (ما لا يملك)، فهو الآن يبيعه قبل أن يملك، وصيغة العقد: أشاركك في كذا على أن أبيعك نصيبي بعد سنة بسعر السوق.

أو تشاركني بكذا على أنّ تبيعني نصيبك بسعر السوق، وهل يمكن تخريج هذه المسألة على المشاركة بشرط البيع بمعنى العقد مع الشرط.

هذه المسألة تحتاج إلى تأمل؛ لأن الإشكال أن عقد البيع لا ينعقد حتى تتم الشركة، والشركة لا تنعقد حتى يتم البيع وهو لم يتملك ما يبيعه بعدُ؟ ويغني عن ذلك إبرام عقد المشاركة مع وعد بالبيع.

ثانيًا: المشاركة مع الوعد بالبيع.

وهذه المسألة لها حالتان:

الحالة الأولى: المشاركة مع الوعد غير الملزم بالبيع.

الحالة الثانية: المشاركة مع الموعد الملزم بالبيع.

أما الحالة الأولى، وهي المشاركة مع الوعد غير الملزم بالبيع كما في الصورة الأولى والثالثة من صور المشاركة المتناقصة.

فيتم عقد المشاركة المتناقصة أولاً، ثم يتلوه عقد البيع بعقد مستقل، بحيث يكون للشريك الحق في بيعها للمؤسسة المالية أو لغيرها، بالسعر الذي يتفق عليه لاحقًا دون إلزام لأحد العاقدين.

فهذه الحالة بهذا التصور جائزة -والله أعلم-.

وكما تقدم فإن العقدين منفصلان لا علاقة لهما ولا ارتباط بالآخر، وعلى ذلك فليسا من قبيل اشتراط عقد في عقد.

وإنما من قبيل اجتماع عقدين في عقد دون شرط.

وبالتأمل في اجتماع عقد البيع مع الشركة فإنه يتبين أنه لا مانع من ذلك، لأنه لا يؤدي إلى محرم، كالربا، والغرر، وليس بين العقدين تضاد أو تنافٍ في الأحكام والآثار، ولا يوجد في هذه المعاملة توسل إلى محرم فتكون جائزة.

وحقيقة هذه الحالة أن الشريك يبيع شريكه الآخر نصيبه، ولا مانع من ذلك شرعًا؛ لأنه يبيعه ما يملكه.

جاء في المغني (32): «وإن اشترى أحد الشريكين حصة شريكه جاز؛ لأنه يشتري ملك غيره».

وجاء في مجموع فتاوى ابن تيمية (33): «يجوز بيع المشاع باتفاق المسلمين كما مضت بذلك سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_».

هذا وقد أورد على هذه الحالة إشكالان:

الإشكال الأول:

مشابهة بيع الوفاء، وذلك أن هناك تواطؤاً على أنه متى ما رد له رأس ماله في الشركة فإنه يرد إليه المبيع، فيتنازل عن نصيبه متى ما رد إليه العميل رأس ماله، ويستفيد من حصته إلى حين تسديد الشريك الآخر ثمن تلك الحصة (34)، فتكون بذلك مثل بيع الوفاء، والذي ينتفع فيه البائع (المقرض) بالسلعة إلى أن يرد المشتري (المقترض) الثمن.

الإجابة:

وأجيب على ذلك من ثلاثة أوجه (35):

1 - أن البائع في (بيع الوفاء) لم يقصد بيعًا في الحقيقة ولم تتوجه إرادته إلى ذلك، وإنما عقد قرضًا بضمان الشيء المبيع، وأمكن المشتري من فائدة المبيع وثماره مقابل انتفاعه بالقرض، فهو قرض مستتر في صورة بيع صوري غير مقصود، أما في المشاركة المتناقصة، فقد توجهت الإرادات حقيقة إلى الاستثمار، فالمصرف يأخذ أموال الناس ليستثمرها في مشاركات شرعية، لا ليقرضها قروضًا ربوية.

المناقشة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير