تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اشتراط عقد في عقد، والجمع بين عقدين في عقد، فالصورة الأولى والثالثة يظهر منها أن العقدين -وهما عقدا الشركة والبيع- منفصلان لا علاقة لهما ولا ارتباط بالآخر، وعلى ذلك فليست من قبيل اشتراط عقد في عقد، وإنما من قبيل اجتماع عقدين في عقد.

وأما باقي الصور فيظهر منها الارتباط بين العقود، وسواء كان ذلك على سبيل الشرط أو على سبيل الوعد الملزم في الغالب، أو قيام العرف بذلك، وعلى ذلك فإنّ عقد المشاركة المتناقصة يعد من أبرز التطبيقات لموضوع العقود المالية المركبة.

وفيما يأتي بيان لأثر التركيب في المشاركة المتناقصة.

المبحث الثالث: أثر التركيب في حكم المشاركة المتناقصة

تقدم أن التركيب في المشاركة المتناقصة له صور متعددة، وأبرز هذه الصور هي:

الصورة الأولى: أن يكون التركيب من قبيل اشتراط عقد في عقد.

والصورة الثانية: أن يكون التركيب من قبيل الجمع بين عقدين في عقد.

وفيما يأتي بيان لأثر التركيب في صور المشاركة المتناقصة:

أولاً: اشتراط عقد في عقد.

تبين من خلال تعريفات المشاركة المتناقصة، وصورها، والنماذج التطبيقية لها، أن المشاركة المتناقصة لا تتم المصلحة منها إلا باشتراط عقد في عقد، وهما اشتراط عقد البيع في عقد الشركة، أو وعد ملزم بذلك، وعلى هذا فهل هذا الاشتراط والتركيب يؤثر في حكم المشاركة المتناقصة أو لا؟

إذا تم الاتفاق في المشاركة المتناقصة بصيغة اشتراط عقد في عقد مثل أن يقول: أشاركك في هذه الأرض مناصفة بيننا على أن تشتري نصيبي بعد سنة بكذا، وتربحني كذا، فإن التركيب في هذه الحالة يؤثر في حكم المشاركة المتناقصة، وبيان ذلك فيما يأتي:

1 - أن هذا الاشتراط يؤدي إلى ضمان رأس المال والربح، وهذا ينافي عقد الشركة القائم على أساس المشاركة في الربح أو الخسارة.

فيكون هذا الاشتراط حيلة ووسيلة يتوصل بها إلى محرم، فتكون المعامل شبيهة بالقرض الربوي.

وقد وردت ضوابط في كثير من البحوث التي تناولت المشاركة المتناقصة، ومن أبرز هذه الضوابط:

- ألا يتضمن عقد المشاركة المتناقصة شرطًا يقضي بأن يرد الشريك إلى البنك كامل حصته في رأس المال، بالإضافة إلى ما يخصه من أرباح؛ لما في ذلك من شبهة الربا، أي لا يجوز أن يشترط كون البيع بالقيمة الإسمية المدفوعة (26).

- ومن الضوابط التي ذكرت أيضاً: «لا يجوز أن تتفق المؤسسة المالية الإسلامية والشريك ابتداء على المشاركة والبيع في عقد واحد، بل لابد أن يكون ذلك بعقدين منفصلين» (27).

2 - أن هذه المعاملة بهذا الشرط محرمة؛ لأنها تكون من (بيع ما لا يملك) فإذا اشترط عليه أن يشاركه في أرض سيشتريانها، وشرط عليه أن يبيعه بكذا، فإنه في هذه الحالة باعه ما لا يملك. وقد ورد النهي عن ذلك، كما أن هذه الصورة تدخل في أحد التفسيرات للنهي عن بيعتين في بيعة.

3 - أن التركيب في هذه المعاملة بوجود شرط البيع يؤدي إلى جهالة الثمن في المستقبل، وقد يؤدي إلى الغبن، وذلك لأن الثمن في المستقبل قد يزيد وقد ينقص فأدى هذا التركيب إلى هذه المفاسد.

4 - أن فيها شبهًا ببيع الوفاء، وهو كما -تقدم (28) - حيلة للإقراض وأخذ منفعة زائدة، وبيع الوفاء كما تقدم: البيع بشرط أن البائع متى ما رد الثمن فإن المشتري يعيد إليه البيع.

وهنا فإن تملك البنك للسلعة غير دائم، وإنما متى ما رد العميل رأس المال والربح فإنّ البنك يعيد إليه السلعة (29).

وقد فرق بعض الباحثين (30) في هذه المسألة -والتي تناولها عرضًا- بين كون المشاركة المتناقصة شركة ملك أو شركة عقد.

فإذا كان المقصود بهذه الصيغة الاستثمار في المستغلات، أو في مشروع تجاري، فالظاهر أنها تصبح شركة عقد، ولا تبقى شركة ملك، وفي هذه الحالة: لا يجوز أن يقع الشراء التدريجي لحصة البنك بثمن محدد سابقًا؛ لأنه يستلزم أن يضمن الشريك لشركة العقد رأس المال للشريك الآخر.

أما إذا اعتبرنا الشركة المتناقصة شركة ملك كما هو الظاهر في تمويل المساكن والسيارات، فالذي يظهر أنه يمكن أن يجوز الشراء بثمن محدد سابقًا؛ لأن هذا النوع من الشركة لا يستهدف بها المشاركة في الربح والخسارة.

وأنا أوافقه في الشق الأول عندما تكون الشركة شركة عقد، فإنه لا يجوز اشتراط البنك أن يرد إليه الشريك رأس المال مع نصيبه من الربح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير