هذا مفاد كلمة الشيخ،ولكن ينبغي على المسلم أن يتجنب ذلك، وفي رأيي أنّ الشيخ نظر إلى الفعل من جهة أنّه محرمٌ لغيره، فالصلاة في حدّ ذاتها صحيحةٌ، ولكن كونها في مسجدٍ فيه قبرٌ هو الذي حرّمها، وهذا المبحث -أقصد: (المحرّم لغيره والمحرّم لذاته) _ تجده في مبحث (الحرام) من ضمن مباحث الأحكام التكليفية، في كتب الأصول، و هي الأحكام الخمسة المعروفة: 1 - الواجب،2 - المحرم، 3 - المندوب،4 - المكروهه، 5 - المباح.
وأرجو من الإخوة الأعضاء الكرام أن يصححوا لي إن كنت مخطأً، ومن كان لديه مزيد علم في المسألة أن يوافينا به مشكوراً.
ـ[نافع الشافعي]ــــــــ[30 - 11 - 07, 03:16 م]ـ
وحتى نزيد المسألة وضوحاً، إليك أخي الكريم ما قاله الدكتور عبد الكريم زيدان،في كتابه" الوجيز في أصول الفقه":
أقسام حرام:
1 - المحرم لذاته: هو ما حرمه الشارع ابتداءً،لما فيه من الأضرار والمفاسد الذاتية التي لا تنفك عنه:كالزنى، وتزوّج المحارم، وأكل الميتة وبيعها ... ونحو ذلك مما حرم لذاته وعينه.
وحكم هذا النوع: أنّه غير مشروع أصلاً، ولا يحلّ للمكلف فعله، وإذا فعله لحقه الذم والعقاب ...
2 - المحرم لغيره: وهو ماكان مشروعاً في الأصل، إذ لا ضرر فيه ولا مفسدة، أو أنّ منفعته هي الغالبة، ولكنه اقترن بما اقتضى تحريمه: كالصلاة في الأرض المغصوبة ... ونحو ذلك مما عرض له التحريم لأمر خارج عن ذات الفعل، فليس التحريم لذات الفعل:لأن الفعل بنفسه خال من المفسدة والضرر، ولكن اتصل به ما جعل فيه مفسدة وضرراً.
فالصلاة بذاتها مشروعة، فهي واجبة، ولكن لمّا اتصل بها محرم وهو الغصب جاء النهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة.
وحكم هذا النوع من المحرم يقوم على أساس نظرتنا إليه.فالمحرم لغيره مشروع من جهة أصله وذاته، وغير مشروع من جهة ما اتصل به من أمرٍ محرم.
فمن الفقهاء من غلّب جهة مشروعية أصله على حرمة ما اتصل به، فقال: إنّه يصلح أن يكون سبباً شرعياً، وتترتّب عليه آثاره، وإن كان منهياً عنه باعتبار ما اتصل به، ولهذا يلحق فاعله الإثم من هذه الجهة لا من جهة إتيانه الفعل نفسه.
وعلى هذا النظر تكون الصلاة في الأرض المغصوبة صحيحةً مجزأةً، وتبرأ ذمة المكلف منها وهو آثمٌ بالغصب.
ومن الفقهاء من غلّب جهة فسادِ ما اتصل بالفعل على مشروعية أصله فقال بفساد الفعل، وعدم ترتب أثره الشرعيّ عليه، ولحوق الإثم بفاعله، لأنّ جهة الفساد في نظرهم لا تبقي أثراً لمشروعية أصله.
وعلى هذا الأساس قال هذا الفريق من الفقهاء ببطلان الصلاة في الأرض المغصوبة. "انتهى بتصرف
والكلام نفسه يمكن أن يقال في مسألة الصلاة في المساجد المبنية على القبور.
بعيداً عن حكم المسألة الشرعي، أود أن ألفت انتباه الإخوة إلى أمرٍ مهمٍّ جداً، وهو ملاحظةالإسلام للعنصر الجمالي، فليس من اللائق أن يدفن الموتى في المساجد، ولا هو بالمظهر الحضاري، بل هومنظرٌ يبعث على الاشمئزاز والقرف وبوسعك أن تستشفّ ذلك من حديث سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
" لعن الله اليهود والنصارى اتخذا قبور أنبيائهم مساجد"، والحديث الآخر ولا يحضرني نصّه الآن، ومعناه النهي عن ترك الصلاة في البيوت وألا تجعل قبوراً، ومعلوم أنّ القبر لا يصلى فيه،و هو مكانٌ خامدٌ لا حركةَ فيه ولا حياة
وأينما وُجدت القبور كانهذا المعنى حاضراً عند الإنسان، أمّا المسجد فبخلاف ذلك، فللمسجد دوره الريادي في قيادة الأمة وتوجيهها، ومن جهة أخرى لئلا يكون المسجد مشابهاً لأماكن عبادة النصارى واليهود الخاوية.
والملاحظة الثانية: أن وجود القبر في المسجد يتنافى مع الغاية الكبرى التي أنشأ المسجد لأجلها،و التي جاء البيان الإلهي بذكرها: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً)، (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ... )
فالغاية من بناء المساجد: توحيد الله سبحانه وتعالى وعبادته، فهل يتفق ذلك مع وجود قبر أو أكثر في المسجد والتي كثيراً ما تجعل أنداداً من دون الله عز وجل، ويتوجه إليها بالدعاء والاستشفاء من دون الله سبحانه وتعالى
والخلاصة أنه لا يجتمع قبر ومسجد في الإسلام، لأن المسجد رمز التوحيد، والقبر رمز من رموز الشرك.
اللهمّ حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا اللهمّ من الراشدين، فضلاً منك ونعمةً يا ربّ العالمين.
ـ[نافع الشافعي]ــــــــ[01 - 12 - 07, 02:27 م]ـ
ثمّة استدراكٌ على ما قلته من أنّ القبر رمز من رموز الشرك، فهذا ليس على إطلا قه، وليس كلّ قبر كذلك، وإنّما ينطبق هذا الوصف على القبور الموجودة في المساجد، لما يجري عندها من أعمال قد تصل إلى حد الشرك بالله العظيم، وقد جاءت الشريعة بمحاربة الشرك، وحماية جناب التوحيد وقطع الطريق على كلّ ما من شأنه الإفضاء إلى الشرك، وهو ما يعبر عنه علماؤنا " بمبدأ سدّ الذرائع "
ورحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي.
القادسية: موقع الشيخ طه حامد الدليمي.
موقع متخصص في بيان المنهج والأسلوب الأمثل لمواجهة خطر التشيّع.
¥