[كيف يوجه إهداء النبي صلى الله عليه و سلم ثوبا من حرير لشقيق لعمر؟]
ـ[عبدالله البلجيكي]ــــــــ[21 - 01 - 07, 10:28 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
كيف يوجه إهداء النبي صلى الله عليه و سلم ثوبا من حرير للأخ شقيق لعمر؟
و كيف نجمع بينه و بين مخاطبة الكفار بفروع الشريعة و عموم قوله تعالى:" و لا تعاونوا على الإثم والعدوان"
و بارك الله فيكم
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[21 - 01 - 07, 11:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي عبد الله بارك الله فيك لا إشكال في الحديث لأنه ليس القصد من الهدية أن يلبسها عمر أو أخوه وإنما يبيعها أو يكسو بها نساءه ولذلك يقول الحافظ في الفتح (10/ 299): (وأما كون عمر كساها أخاه فلا يشكل على ذلك عند من يرى أن الكافر مخاطب بالفروع ويكون أهدى عمر الحلة لأخيه ليبيعها أو يكسوها امرأة ويمكن من يرى أن الكافر غير مخاطب أن ينفصل عن هذا الإشكال بالتمسك بدخول النساء في عموم قوله أو يكسوها أي إما للمرأة أو للكافر بقرينة قوله إنما يلبس هذا من لا خلاق له أي من الرجال ثم ظهر لي وجه آخر وهو أنه أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث المذكورة فقد أخرج الحديث المذكور الطحاوي من رواية أيوب بن موسى عن نافع عن بن عمر قال أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عطارد حلة فكرهها له ثم أنه كساها عمر مثله الحديث وفيه أني لم أكسكها لتلبسها إنما أعطيتكها لتلبسها النساء .. )
فائدة: قال الحافظ في الفتح (الموضع السابق): (ولم أقف على تسمية هذا الأخ إلا فيما ذكره بن بشكوال في المبهمات نقلا عن ابن الحذاء في رجال الموطأ فقال اسمه عثمان بن حكيم قال الدمياطي هو السلمي أخو خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص قال وهو أخو زيد بن الخطاب لأمه فمن أطلق عليه أنه أخو عمر لأمه لم يصب قلت بل له وجه بطريق المجاز ويحتمل أن يكون عمر ارتضع من أم أخيه زيد فيكون عثمان أخا عمر لأمه من الرضاع وأخا زيد لأمه من النسب وأفاد بن سعد أن والدة سعيد بن المسيب هي أم سعيد بن عثمان بن الحكم ولم أقف على ذكره في الصحابة فإن كان أسلم فقد فاتهم فليستدرك وإن كان مات كافرا وكان قوله قبل أن يسلم لا مفهوم له بل المراد أن البعث إليه كان في حال كفره مع قطع النظر عما وراء ذلك فلتعد بنته في الصحابة)
ـ[عبدالله البلجيكي]ــــــــ[22 - 01 - 07, 01:17 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل،
بقي لي إشكال و هو كالتالي:
إن كان الحرير محرما علينا و الكفار مخاطبين بالنواهي الشرعية، فكيف نبيع لهم ما هو حرام عليهم؟
و بارك الله فيكم
ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[22 - 01 - 07, 03:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أولا: ينبغي أن تعلم أخي بارك الله فيك أن المحرم في الحرير لبسه على الرجال دون النساء وهذا بالإجماع علما أن ابن الزبير رضي الله عنه ثبت عنه تحريم ذلك حتى على النساء كما في صحيح مسلم (5/ 14 / 44) لكن الإجماع انعقد بعد ذلك على جوازه في حق النساء دون الرجال كما ذكر القاضي عياض وابن عبد البر وابن قدامة وغيرهم.
ثانيا: هناك بعض المسائل المستثناة في لبس الحرير في حق الرجال وهي محل خلاف بين أهل العلم ومنها:
1 / أن يكون الحرير يسيرا لا يتجاوز موضع أربع أصابع كما ثبت ذلك في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع " رواه مسلم (5/ 14 / 48).
2 / أن يكون لبس الحرير لحاجة كحكة أو مرض أو نحوه مما ينفعه لبس الحرير وقد قال بجوازه في هذه الحال الشافعية والمشهور عند الحنابلة وابن حبيب من المالكية خلافا للحنفية وجمهور المالكية ورواية عند الحنابلة.واستدل من قال بالجواز بحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال: رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير لحكة بهما ".
3 / في حال الحرب وقد أجازه الشافعية في الصحيح من مذهبهم والحنابلة في رواية إذا كان يحتاج إليه كأن يكون بطانة لدرع ونحوه، وأجازه أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية وابن الماجشون من المالكية ورواية عند الحنابلة ووجه عند الشافعية أجازوه مطلقا وإن لم يكن هناك حاجة وهو مروي عن عروة وعطاء.
ومنع ذلك مطلقا أبو حنيفة والمشهور عند المالكية ورواية عند الحنابلة.
4 / أن يكون الحرير قد نسج مع غيره ويكون الحرير هو الأقل وقد روي جواز ذلك عن أبي هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهم وهو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة، وذهب المالكية في مشهور مذهبهم إلى كراهته، وفي قول آخر لهم ذهبوا إلى التحريم وهو مذهب الظاهرية وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما.
إذا علم ما سبق من جواز لبس الحرير عند بعض أهل العلم في بعض الحالات عندها يزول الإشكال في مسألة جواز البيع فالحرير ليس محرما لذاته كالخمر فلا يجوز بيعه إذ له استعمالات كثيرة في حق المسلمين والكفار فيجوز استعماله في حق النساء باتفاق ويجوز في حق الرجال عند بعض اهل العلم في المواضع السابقة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (وكذلك لا يباع الحرير لرجل يلبسه من أهل التحريم وأما بيع الحرير للنساء فيجوز وكذلك إذا بيع لكافر فإن عمر بن الخطاب أرسل بحرير أعطاه إياه النبى إلى رجل مشرك) مجموع الفتاوى (22/ 144) وقال في موضع آخر: (فلا يحل للرجل أن يكتسب بأن يخيط الحرير لمن يحرم عليه لبسه فان ذلك إعانة على الاثم و العدوان و هذه مثل الاعانة على الفواحش و نحوها و كذلك لا يباع الحرير لرجل يلبسه من أهل التحريم.
و أما إذا بيع الحرير للنساء فيجوز و كذلك إذا بيع لكافر فان عمر بن الخطاب أرسل بحرير أعطاه إياه النبى صلى الله عليه و سلم الى رجل مشرك) مجموع الفتاوى (29/ 299) وظاهر هذا يتعارض مع ما اشتهر عن شيخ الإسلام انه يرى تكليف الكفار بفروع الإسلام إلا أن يحمل كلامه على ما سبق تقريره أن البيع لا يلزم منه اللبس والله أعلم.
¥