[(للمناقشة) آراء وتقويمات في أصول الفقه]
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:54 م]ـ
هذه بعض الملاحظات في أصول الفقه كنت قد سجلتها لنفسي بعد دراسة لمسألة "هل النهي يقتضي الفساد؟ "، ثم رأيت أن أعرضها على إخوتي أهل الحديث لأستفيد من ملاحظاتهم وتقويماتهم فيما أخطأ فيه قلمي وزل فيه فهمي:
وما المرء إلا بإخوانه ... كما تقبض الكف بالمعصم
ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذم
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:54 م]ـ
أولا:
في بعض المسائل يحكي الأصوليون الخلاف بين الفقهاء والمتكلمين، ويعنون بالفقهاء المتخصصين في الفقه, وبالمتكلمين المتخصصين في علم الكلام, وهذا الذي ذكره غير واحد من الأصوليين, لكن كثير من المعاصرين يفهمون منهم أن الفقهاء هم الأحناف, وأن المتكلمين هم جمهور الأصوليين, وهذا جرياً منهم على التقسيم للمدارس الأصولية الذي ذكره ابن خلدون في المقدمة (ص 504) , وهذا التقسيم لا يعدو أن يكون اصطلاحا منه, ولا ينبغي أن يُفهم كلام المتقدم باصطلاح المتأخر, وفي الحقيقة موضوع اختلاط الاصطلاحات بين الفنون وبين المتقدمين والمتأخرين موضوع جدير بأن يفرد بالمناقشة في هذا الملتقى المبارك.
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:55 م]ـ
ثانيا:
تنبيهات حول مصطلح الصحة والفساد والبطلان، وقبل ذكر التنبيهات أعرفها:
أولا: تعريف الصحة:
في اصطلاح الفقهاء:
* في العبادات: اندفاع وجوب القضاء, (وأما المتكلمون فلهم اصطلاح خاص في تعريفها وهو: موافقة أمر الشارع, سواء وجب القضاء أو لم يجب).
* في المعاملات: هي كون العقد سببا لترتب ثمرته المطلوبة منه عليه.
في اصطلاح الأصوليين:
* وافق غالب الأصوليين -وحتى الأحناف- الفقهاءَ في تعريفهم للصحة سواء في العبادات أو في المعاملات, وإن كان أكثرهم لا يصرح بمذهبه عند ذكر تعريف الفقهاء والمتكلمين, ولكن يظهر ذلك في ثنايا كلامهم.
ثانيا: تعريف البطلان والفساد:
*تعريفهما اصطلاحا:
في اصطلاح الفقهاء:
* في العبادات: عدم سقوط القضاء بالفعل.
* في المعاملات: عدم ترتب ثمرته المطلوبة منه عليه.
في اصطلاح الأصوليين:
* وافق غالب الأصوليين الفقهاءَ في تعريفهم للفساد سواء في العبادات أو في المعاملات, لكن الأحناف يسمونه البطلان.
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:56 م]ـ
التنبيهات:
(1) اتفق أكثر الأصوليين في تعريف الصحة والفساد, ولكن اتفاقهم هو في الألفاظ فقط, أما الحقائق فيختلفون فيها, فليس ما يكون مسقطا لوجوب القضاء عند الجمهور يكون بالضرورة مسقطا لوجوب القضاء عند الأحناف, وسبب هذا الاختلاف في الحقائق هو أنهم عرفوا الصحة والفساد بالثمرة التي تنتج من كليهما, ولهذا زاد الأحناف تقسيما آخر جعلوا التعاريف فيه بالحد.
(2) انفرد الأحناف بتقسيم الصحة باصطلاح الفقهاء إلى قسمين (انظر كشف الأسرار 1/ 531):
1/ الصحيح: ما كان مشروعا بأصله ووصفه.
2/ الفاسد: ما كان مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه.
ولهذا يجب التنبه لاصطلاح الأحناف, فأحيانا يطلقون الصحيح ويقصدون اصطلاح الفقهاء وهو ما كان مسقطا لوجوب القضاء, وأحيانا يقصدون به ما كان مشروعا بأصله دون وصفه, والجمهور لا يوافقونهم على هذا التقسيم, أما إطلاقهم للفساد فهو بمعنى مغاير لاصطلاح الجمهور.
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:56 م]ـ
(3) عرف الأحناف البطلان بتعريف آخر وهو ما لم يكن مشروعا لا بأصله ولا بوصفه, وهو تعريف بالحد تبين فيه خلافهم للجمهور.
الخلاصة:
-يتفقون في إطلاق:
* الصحة والفساد (ويسميه الأحناف البطلان ولهم فيه تعريفان)
* ويقسم الأحناف الصحة إلى:
- الصحة ما كان مشروعا بأصله وصفه
- والفساد ما كان مشروعا بأصله دون وصفه
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[23 - 01 - 07, 06:57 م]ـ
ثالثا:
تضاربت أقوال الأصوليين في هذه مسألة "النهي يقتضي الفساد" وكل ذلك بسبب عدم تحريرهم محل النزاع, ولهذا وجب تبيينه:
- المسألة التي يدرسها الأصوليون هي: "تحريم الشيء هل يدل على فساده؟ " وليست "النهي عن الشيء هل يدل على فساده؟ " وذلك لأن التحريم أعم من النهي من حيث صيغه, ومن لاحظ الأمثلة التي يذكرها الأصوليون علم أن خلافهم في الشيء المحرم, سواء كان محرما بالنهي أو بغيره من صيغ التحريم, وقد بين ابن القيم العلاقة بين النهي والتحريم فقال:"ويستفاد التحريم من النهي, والتصريح بالتحريم, والحظر, والوعيد على الفعل, وذم الفعل, وذم الفاعل, وإيجاب الكفارة بالفعل, وقوله لا ينبغي فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلا وشرعا, ولفظة ما كان لهم كذا ولم يكن لهم, وترتيب الحد على الفعل, ولفظة لا يحل ولا يصلح, ووصف الفعل بأنه فساد, وأنه من تزيين الشيطان وعمله, وإن الله لا يحبه, وأنه لا يرضاه لعباده, ولا يزكي فاعله, ولا يكلمه ولا ينظر إليه, ونحو ذلك" (بدائع الفوائد لابن القيم 4/ 3 - 4) , ومن الأدلة التي تبين أنهم لا يقصدون النهي أمور:
¥