تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأما الفقيه: فيتكلم في دليل معين في حكم معين، مثل أن يقول: قوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]، خاص في أهل الكتاب، ومتأخر عن قوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] وتلك الآية لا تتناول أهل الكتاب، وإن تناولتهم فهذا خاص متأخر، فيكون ناسخًا ومخصصًا، فهو يعلم أن دلالة هذا النص على الحِلِّ أرجح من دلالة ذلك النص على التحريم، وهذا الرجحان معلوم عنده قطعًا، وهذا الفقه الذي يختص به الفقيه هو علم قطعي لا ظني، ومن لم يعلم كان مقلدًا للأئمة الأربعة والجمهور الذين جوزوا نكاح الكتابيات، واعتقاد المقلد ليس بفقه.

ولهذا قال المستدل على أعيانها: والفقيه قد استدل على عينالحكم المطلوب والمسؤول عنه، وحيث لا يعلم الرجحان فهو متوقف لا قول له، وإذا قيل له: فقد قال: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] قال: هذا نزل عام الحُدَيْبِيَة، والمراد به المشركات، فإن سبب النزول يدل على أنهن مرادات قطعًا، وسورة المائدة بعد ذلك، فهي خاص متأخر وذاك عام متقدم، والخاص المتأخر أرجح من العام المتقدم.

ولهذا لما نزل قوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فارق عمر امرأة مشركة، وكذلك غيره، فدل على أنهم كانوا ينكحون المشركات إلى حين نزول هذه الآية، ولو كانت آية البقرة قد نزلت قبل هذه لم يكن كذلك، فدل على أن آية البقرة بعد آية الممتحنة، وآية المائدة بعد آية البقرة. فهذا النظر وأمثاله هو نظر الفقيه العالم برجحان دليل، وظن على دليل، وهذا علم لا ظن.

فقد تبين أن الظن له أدلة تقتضيه، وأن العالم إنما يعلم بما يوجب العلم بالرجحان لا بنفس الظن إلا إذا علم رجحانه، وأما الظن الذي لا يعلم رجحانه فلا يجوز اتباعه، وذلك هو الذي ذم اللّه به من قال فيه: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [النجم: 23]، فهم لا يتبعون إلا الظن، ليس عندهم علم، ولو كانوا عالمين بأنه ظن راجح، لكانوا قد اتبعوا علمًا لم يكونوا ممن يتبع إلا الظن،).

ـ[ابو حمدان]ــــــــ[22 - 02 - 07, 03:14 ص]ـ

!!!!!!!!!!!

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير