تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَنَامُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ، وَلَا يَتَوَضَّئُونَ} قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي لَفْظٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِهِمْ وَبِهِ يَتَخَصَّصُ عُمُومُ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.

وَلِأَنَّهُ مُتَحَفِّظٌ عَنْ خُرُوجِ الْحَدَثِ، فَلَمْ يَنْقُضْ وُضُوءَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ نَوْمُهُ يَسِيرًا.

وَلَنَا: عُمُومُ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَإِنَّمَا خَصَّصْنَاهُمَا فِي الْيَسِيرِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَيْسَ فِيهِ بَيَانُ كَثْرَةٍ وَلَا قِلَّةٍ فَإِنَّ النَّائِمَ يَخْفِقُ رَأْسُهُ مِنْ يَسِيرِ النَّوْمِ، فَهُوَ يَقِينٌ فِي الْيَسِيرِ، فَيُعْمَلُ بِهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ لَا يُتْرَكُ لَهُ الْعُمُومُ الْمُتَيَقَّنُ؛ وَلِأَنَّ نَقْضَ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ يُعَلَّلُ بِإِفْضَائِهِ إلَى الْحَدَثِ وَمَعَ الْكَثْرَةِ وَالْغَلَبَةِ يُفْضِي إلَيْهِ، وَلَا يُحِسُّ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْكَثِيرِ عَلَى الْيَسِيرِ، لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْإِفْضَاءِ إلَى الْحَدَثِ.

الثَّالِثُ مَا عَدَا هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَهُوَ نَوْمُ الْقَائِمِ وَالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ، فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَنْقُضُ.

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي تَخْصِيصِهِ مِنْ عُمُومِ أَحَادِيثِ النَّقْضِ نَصٌّ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ، لِكَوْنِ الْقَاعِدِ مُتَحَفِّظًا، لِاعْتِمَادِهِ بِمَحَلِّ الْحَدَثِ إلَى الْأَرْضِ، وَالرَّاكِعُ وَالسَّاجِدُ يَنْفَرِجُ مَحَلُّ الْحَدَثِ مِنْهُمَا.

وَالثَّانِيَةُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا كَثُرَ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى

أَنَّ النَّوْمَ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ لَا يَنْقُضُ وَإِنْ كَثُرَ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْجُدُ وَيَنَامُ وَيَنْفُخُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي، فَقُلْت لَهُ: صَلَّيْت وَلَمْ تَتَوَضَّأْ وَقَدْ نِمْت، فَقَالَ: إنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا؛ فَإِنَّهُ إذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ حَالٌ مِنْ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ.

فَأَشْبَهَتْ حَالَ الْجُلُوسِ، وَالظَّاهِرُ عَنْ أَحْمَدَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْتَبِهَانِ فِي الِانْخِفَاضِ وَاجْتِمَاعِ الْمَخْرَجِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْقَائِمُ أَبْعَدَ مِنْ الْحَدَثِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِثْقَالِ فِي النَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَثْقَلَ لَسَقَطَ.

وَالظَّاهِرُ عَنْهُ فِي السَّاجِدِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُضْطَجِعِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَرِجُ مَحَلُّ الْحَدَثِ، وَيَعْتَمِدُ بِأَعْضَائِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَتَهَيَّأُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ فَأَشْبَهَ الْمُضْطَجِعَ.

وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مُنْكَرٌ.

الْكَثِيرُ؛ لِأَنَّ دَلِيلَ انْتِفَاءِ النَّقْضِ فِي الْقَاعِدِ لَا تَفْرِيقَ فِيهِ فَيُسَوِّي بَيْنَ أَحْوَالِهِ.

(243) فَصْلٌ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَحْدِيدِ الْكَثِيرِ مِنْ النَّوْمِ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَقَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لِلْقَلِيلِ حَدٌّ يُرْجَعُ إلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.

وَقِيلَ: حَدُّ الْكَثِيرِ مَا يَتَغَيَّرُ بِهِ النَّائِمُ عَنْ هَيْئَتِهِ، مِثْلُ أَنْ يَسْقُطَ عَلَى الْأَرْضِ، وَمِنْهَا أَنْ يَرَى حُلْمًا.

وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ لِأَنَّ التَّحْدِيدَ إنَّمَا يُعْلَمُ بِتَوْقِيفٍ، وَلَا تَوْقِيفَ فِي هَذَا، فَمَتَى وَجَدْنَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَثْرَةِ، مِثْلُ سُقُوطِ الْمُتَمَكِّنِ وَغَيْرِهِ، انْتَقَضَ وُضُوءُهُ.

وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَتِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مُتَيَقِّنَةٌ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ.

ولاحظ أخي الكريم ما قاله الشافعي رحمه الله تعالى:

قال الشافعي:

والنوم الذي يوجب الوضوء على من وجب عليه الوضوء بالنوم الغلبة على العقل كائنا ذلك ما كان قليلا أو كثيرا.

ولا أدري إن كنت أخي بعد ذلك سترى أنك تحتاج إلى ماذكرته؟ وعذري أني لا أعرف منهجك بالضبط

لكني أحاول على قدر استطاعتي وفقك الله وكل طلاب العلم إلى خير ما يحب ويرضى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير