ثالثا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين سبب صيامه لذلك اليوم، جعل السبب أو العلة مركبة، فقال (قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) فذكر ثلاثة أسباب، أو بتعبير أصولي، ذكر علة مركبة من ثلاث أوصاف، ميلاده، ومبعثه، وإنزال القرآن، والصواب صحة التعليل بالعلة المركبة، وأنها لا تؤثر إلا إذا اجتمعت الأوصاف المركبة منها كلها، وعندئذ فلا تجتمع هذه الأوصاف لتكون علة الحكم إلا في يوم الاثنين، فلا تنطبق البتة على يوم الثاني عشر من ربيع الأول، فإنزال القرآن حدث في ليلة القدر، من شهر رمضان المبارك، بالإجماع كما هو نص القرآن، فهي علة قاصرة على هذا اليوم، فلا تتعدى إلى غيره.
ثالثا: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيامه، فأجاب، فالحكم إذًا الصيام، والعلة، هي اجتماع الأوصاف الثلاثة، فهل يقاس غير الصيام على الصيام، بمعنى هل يخص يوم الاثنين بعبادة غير الصيام؟ محل نظر، لكن هذا خارج موطن بحثنا، فالشبهة لا تتعلق بتخصيص يوم الاثنين، بل بتخصيص يوم الميلاد، أعني المناسبة السنوية، فلا ينسحب حكم هذا على هذا.
رابعا: وربما تستحق أن تكون أول مرتكزات هذا الجواب، إلا أننا أخرنا البحث فيها لأنها طريقة معروفة في الجواب يعتمد عليها كثير ممن ينتسبون إلى السلف الصالح، ممن لا يقرون الموالد أصلا، فإذا قرأها من قامت في ذهنه تلك الشبهة أعرض عن هذا الجواب، لأنه صادر ممن لا يقرون الاحتفالات اعتمادًا على جواب معروف وهو أن السلف لم يفعلوها، فإذا أعرض عن القراءة، قويت الشبهة عنده، وانصرف عن سماع ما يدفعها حتى لو كان بطريق آخر.
وهذا المرتكز يعتمد على أصل أصيل في فهم هذا الدين، ألا وهو وجوب اتباع فهم السلف الصالح لدين الإسلام، وأدلة وجوب اتباع فهم السلف الصالح كثيرة جدًا، أهمها أن فهم السلف الصالح نفسه إجماع منهم على أن الدين يفهم بهذه الطريقة، فمن فهم الدين بغير هذه الطريقة فقد خالف الإجماع، ومنها أن الأخذ بغير فهمهم، مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) متفق عليه.
فجعل خير القرون، صحابته، فخيريتهم تتضمن خيرية فهمهم، فلا يجوز العدول عن خير فهم للدين إلى غيره.
وعليه، فيجب علينا عند النظر والاستدلال لا سيما عند طروء شبهة، أن لا نغفل فهم السلف الصالح للأدلة، وكيف عملوا بها، وما أجمل العبارة التي تقول لو كان خيرًا لسبقونا إليه، وقد روي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قوله (من كان مستنا فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة صلى الله عليه وسلم ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم)
فلو كان القول بتخصيص يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم أعني ميلاده السنوي في شهر ربيع الأول، بعبادة زائدة لسبقنا إليه السلف الصالح، الصحابة، والتابعون، وأتباعهم، لكن لما لم يفعلوا ذلك، علم أنه لا خير فيه، وهذا لا يحتاج إلى مزيد استدلال.
هذا، ما تيسر من الجواب على عين هذه الشبهة، وإلا فمسألة المولد النبوي، وما يحدث فيه، قد أشبعه العلماء بحثا ودراسة، وهي موجودة متيسرة والحمد لله، نسأل الله تبارك وتعالى أن لا يزيغ قلوبنا، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه سميع قريب مجيب الدعاء، انتهى الجواب، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
http://saaid.net/mktarat/Maoled/34.htm (http://saaid.net/mktarat/Maoled/34.htm)
ـ[محمد بشري]ــــــــ[26 - 02 - 09, 03:19 م]ـ
هنا مسألة أود من الإخوة الأفاضل مناقشتها، وهو ما حكم إلقاء محاضرة بهذه المناسبة،يذكر فيها الإنسان بسيرة الرسول الكريم وبعض مواقفه عليه السلام ............... مع الإشارة مقدما إلى حكم الإحتفال وأن الصواب عدم القول بمشروعيته؟
أيكون هذا الفعل جائزا؟ وإن قيل بالمنع فما الفرق بين هذا الفعل وإقامة أسبوع أو أيام علمية تلقى فيها الندوات كندوة الشيخ محمد عبد الوهاب رفع الله قده ونحو ذلك .............................
ونفع الله بكم.
ـ[محمد بن مسفر]ــــــــ[04 - 03 - 09, 06:43 م]ـ
هنا مسألة أود من الإخوة الأفاضل مناقشتها، وهو ما حكم إلقاء محاضرة بهذه المناسبة،يذكر فيها الإنسان بسيرة الرسول الكريم وبعض مواقفه عليه السلام ............... مع الإشارة مقدما إلى حكم الإحتفال وأن الصواب عدم القول بمشروعيته؟
أيكون هذا الفعل جائزا؟ وإن قيل بالمنع فما الفرق بين هذا الفعل وإقامة أسبوع أو أيام علمية تلقى فيها الندوات كندوة الشيخ محمد عبد الوهاب رفع الله قده ونحو ذلك .............................
ونفع الله بكم.
- وفقك الله لما يحب ويرضى.
- رأيي المتواضع أن هذا داخل في الاحتفال بالمولد وهذا من تلبيس إبليس. ففي بلادنا جمعية تقوم بتخصيص أسبوع محاضرات عن (النبي صلى الله عليه وسلم يتحدثون فيها عن أخلاقه ومعجزاته وهكذا) ويقومون أيضا بإعداد أسئلة تخص النبي صلى الله عليه وسلم ويوفرون الجوائز ـ وما هذه الأفعال التي يقومون بها إلا احتفالا بالمولد.
- فإذا قال قائل ليس هناك أمرا مخالفا وإنما نقيم محاضرة نذكر فيها ما لا يخالف الشرع
ـ نقول: ولماذا (التخصيص) إقامة المحاضرة في هذا الأسبوع بالتحديد؟! وهل تستطيع أن تجعل المحاضرة بعد شهر من التاريخ المعتمد عندك في ولادة النبي صلى الله عليه وسلم!
نسأل الله الهداية لنا وللمسلمين أجمعين.
¥