تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مما ذكره الأسلاف عن قديم الأحلاف (تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة)]

ـ[أبو معطي]ــــــــ[27 - 05 - 08, 08:35 م]ـ

مما ذكره الأسلاف عن قديم الأحلاف

(تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

وبعد .. فإنه من المعروف أن الحلف أمر شائع بين القبائل منذ القدم، وقد تناوله علماء التاريخ والأنساب، سواء أكانوا المتقدمين منهم كالكلبي، وابن حزم، والهجري وغيرهم، أو المتأخرين منهم كالنويري، والمقريزي، والقلقشندي، وغيرهم، بل وحتى المعاصرين في المؤلفات الحديثة تعرضوا لذكره.

وفي هذا البحث سأتحدث عن ماهية الحلف في القبائل القديمة، وبعض من أنواعه وصوره، وأسبابه ودوافعه، مع أمثلة عليه

تعريف الحلف:

قال الجوهري في الصحاح: (والحلف بالكسر: العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي عاهده، وتحالفوا أي تعاهدوا) انتهى.

وقال الفيروزبادي في القاموس المحيط: (والحلف بالكسر: العهد بين القوم والصداقة، والصديق يحلف لصاحبه ألا يغدر به، والجمع أحلاف) انتهى.

وفي المعجم الوسيط: (حالفه محالفة وحِلافاً: عاهده، ويُقال حالف بينهما: آخى) وفي موضع آخر في المعجم: (الحِلف المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، والجمع أحلاف).

وقال أيضاً: (الحليف، المتعاهد على التناصر، والجمع أحلاف)

مع ملاحظة ما ذكر في معاجم اللغة عن معنى الحلف نجد أن كلمة الحلف يدور معناها بين: المعاهدة والصداقة، والنصرة والحماية، والتعاضد والتساعد والاتفاق، وما في هذه المعاني.

فنستطيع أن نقول بأن معنى الحِلف اللغوي تقريباً هو: التعاهد والاتفاق على التعاضد والتناصر والحماية، هذا في مصطلح أهل اللغة. (1)

أما معنى الحِلف في مصطلح المؤرخين والنسابين فليس هناك معنى محدد، ولكن نستطيع أن نقول - من خلال استقراء ما كتبه النسّابون والإخباريّون عن الحلف - بأن الحلف هو: أنظمة وعهود اجتماعية وسياسية تجمع بين عشيرتين، أو قبيلتين فأكثر يلتزمون فيها بينهم على التعاضد والتناصر والحماية ... وقد تزيد هذه العلاقة حتى يصبح المتحالفون قبيلة واحدة، وكياناً واحداً (أي ليس حلفاً مؤقتاً فقط)، كما سيتضح ذلك عند الكلام عن أنواع الحلف وصوره.

إلا أن التعريف السابق ربما يتناسب مع بعض أنواع الأحلاف أكثر من أنواع أخرى، كما سيأتي ذلك في أنواع الأحلاف وصوره وأقسامه.

وعند الرجوع إلى كتب المعاجم مرة أخرى، نجد أن العرب كانوا يطلقون اسم (الحليفان) على بني أسد وطيء، وكانوا يطلقون نفس الاسم أيضاً على أسد وفزارة (أو غطفان) - كما سيأتي في أنواع الأحلاف - ويطلقون مصطلح (الأحلاف) على ستة بطون من قريش وهي: عبد الدار، وكعب، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدي، كما أطلق أيضاً مصطلح (الأحلاف) على قوم من ثقيف .... وغيرهم أيضاً. (2)

- أنواع الحلف:

من يستقرئ ويرصد الأحلاف القديمة بين العرب يجد أنها أنواع بينها اختلاف، ومن خلال ذلك نستطيع تقسيم أنواع الأحلاف تقسيماً اجتهادياً إلى:

1 - حلف مؤقت (وربما يتكرر):

الهدف منه هو النصرة والاحتماء والاستعانة لمصلحة مشتركة بين الحليفين، كخوض حرب مثلاً أو غير ذلك، فإذا انتهى الحدث انتهى الحلف بانتهاء الحدث، وقد يتكرر ذلك عند تكرار هذا الحدث (مثلاً قد يتكرر عند حصول أكثر من حرب لنفس القبائل المتحالفة)، فمعنى ذلك أن هذا النوع من الأحلاف إنما هو لسبب معيّن مؤقت وليس حلفاً كاملاً سواء تكرر هذا السبب أم كان مجرد حادثة منفردة، ومن أمثلة ذلك أن العرب تسمى طيء وأسد بالحليفين، وأطلق هذا اللفظ على أسد وغطفان أو فزارة، وفيهم قال زهير بن أبي سلمى:

ألا أبلغ الأحلاف عنّي رسالة

وذبيان هل أقسمتم كل مقسم

وقال:

تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها

وذبيان قد زلت بأقدامها النعل (3)

نلحظ في هذا الحلف أنه لم تدخل قبيلة تحت مسمى قبيلة أخرى، وإنما أُطلق لفظ يشمل القبيلتين بسبب التآزر بينهما، لمصلحة معينة ومحددة تشترك فيها القبائل المتحالفة وربما يتكرر.

2 - حلف كامل (قبائل وكيانات تكوّنت من الأحلاف):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير