[وقفات من حياة الملك الصالح أصحمة النجاشي رضي الله عنه ورحمه الله]
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[20 - 04 - 08, 07:21 ص]ـ
[وقفات من حياة الملك الصالح أصحمة النجاشي رضي الله عنه ورحمه الله]
الحمد لله، والصلاة والسلام عَلَى رسول الله أما بعد:
فهذه وقفات مع حياة ملك جليل، نصره الله عَلَى خصومه، وهيأ الله له الملك، ونصر الله به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم معظماً له، فأثابه الله عَلَى ذَلِكَ، وصلى عليه رسول الله لما مات صلاة الغائب، واستغفر له، وأثنى عليه وزكاه، ورضي الله عنه وأرضاه.
أسأل الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد.
1 - فصل
اسم النجاشي ومعناه (1)
هُوَ أصحمة بن أبجر الحبشي النجاشي ملك الحبشة.
وَمَعْنَى: أصحمة: عطية، وقيل: عطية الله، وقيل: عطاء.
وقد ثبت أن اسمه أصحمة، فقد روى البُخَارِيُّ ومسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّى عَلَى أَصْحَمَةَ النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا.
وفي رواية عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ: ((مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ)).
وقد اختلف الرواة فِي اسمه فقيل: أصحم، وقيل: صحمة، وقيل: أصخمة، وقيل: أصحبة، وقيل: صحبة، وقيل: صمحة، وقيل: صَمْخَة، وقيل: مصحمة.
وقيل اسمُه مَكْحول.
وقيل إن اسم والده: صَصَّه، وقيل: بحر، وقيل: أبحر، وقيل: بجري. والأظهر: أبجر.
2 - فصل
قصة تملك النجاشي بعد أن بِيعَ إِلَى بعض التجار (من الرِّقِّ إِلَى الملك!!).
قَالَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ المَخْزُومِيِّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ابْنَةِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:
لَمَّا نَزَلْنَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ جَاوَرْنَا بِهَا خَيْرَ جَارٍ النَّجَاشِيَّ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا وَعَبَدْنَا اللَّهَ لَا نُؤْذَى، وَلَا نَسْمَعُ شَيْئًا نَكْرَهُهُ.
[ثم ذكرت قصة إرسال قريش من يرد المهاجرين من الحبشة، وكلام النجاشي مع المهاجرين بشأن دعاوى من أرسلتهم قريش إِلَى أن وصل حديثها إِلَى قول النجاشي:]
فَوَاللَّهِ مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ، وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعَهُمْ. إِلَى آخر الحديث.
قال الزهري: فحدثت هذا الحديث عروة بن الزبير عن أم سلمة.
فقال عروة: أتدري ما قوله: "ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه؟ "
فقلت: لا، ما حدثني ذلك أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة.
فقال عروة: فإن عائشة حدثتني: أن أباه كان ملك قومه وكان له أخ له من صلبه اثنا عشر رجلاً، ولم يكن لأبي النجاشي ولد غير النجاشي، فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا: لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه، فإن له اثني عشر رجلا من صلبه، فتوارثوا الملك، لبقيت الحبشة عليهم دهرا طويلاً لا يكون بينهم اختلاف.
فعدوا عليه فقتلوه، ومَلَّكُوا أخاه. فدخل النجاشي بعمه حتى غلب عليه، فلا يدير أمره غيره، وكان لبيباً حازماً من الرجال (2).
فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا: قد غلب هذا الغلام على أمر عمه، فما نأمن أن يملكه علينا، وقد عرف أنا قتلنا أباه، فلئن فعل لم يدع منا شريفاً إلا قتله، فكلموه فيه فليقتله، أو ليخرجه من بلادنا!
فمشوا إلى عمه فقالوا: قد رأينا مكان هذا الفتى منك، وقد عرفت أنا قتلنا أباه، وجعلناك مكانه، وإنا لا نأمن أن يملك علينا فيقتلنا، فإما أن تقتله، وإما أن تخرجه من بلادنا.
قال: ويحكم قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم؟ بل أخرجه من بلادكم.
فخرجوا به فوقفوه في السوق وباعوه من تاجر من التجار قذفه في سفينة بستمائة درهم أو بسبعمائة فانطلق به.
¥