[بين الإسلام والغرب (عرض كتاب)]
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[09 - 03 - 08, 01:14 ص]ـ
تقديم كتاب "بين الإسلام والغرب"
الكتاب الذى نقدم له الآن ثمرة بحث دؤوب فى الأرشيفات الأوربية لرسم صورة شخص كان يمكن ألا يلتفت إليه أحد، وهو نموذج لما يمكن أن يثمر عنه التعاون بين باحثين من بلاد مختلفة.
الباحثان اللذان وضعا الكتاب من أبرز المتخصصين فى الدراسات الموريسكية، وقد أتيحت للقارئ العربى فرصة للتعرف على أحدهما -الدكتورة غارثيا أرينال- واليوم نتعرف على الباحث الثانى، وهو الهولندى جيرارد ويغرس الأستاذ بجامعة ليدن والذى التقيت به منذ سنوات فى مؤتمر علمى حول الدراسات الموريسكية.
يستند الباحثان إلى خزائن المحفوظات فى كل من إسبانيا وهولندا لرسم صورة صمويل باياتشى اليهودي وبيان تأثيره على مجرى الأحداث فى الفترة التى عاش فيها. وحين يجد المؤلفان فراغا فى الوثائق الخاصة بصمويل باياتشى فإنهما يسدان هذا الفراغ باستخدام وثائق خاصة بيهود آخرين تتطابق حالتهم مع حالة باياتشى. إنهما يفعلان ذلك مثلا لرسم صورة للبيئة التى عاش فيها باياتشى، سواء فى المغرب أو فى إسبانيا أو فى هولندا. وقد استطاع الباحثان فى النهاية أن يقدما لنا صورة تكاد تكون كاملة لصمويل باياتشى، وأن يعرضا فى نفس الوقت بعض وثائق تلك الفترة.
شخصية الكتاب رجل يهودى عاش فى القرن السادس عشر ودرس الواقع المحيط به واستغله لصالحه. استطاع صمويل باياتشى أن يوطد علاقته بالبلاط المغربى وبأصحاب السلطة فى أوربا، وحصل من هنا ومن هناك على مكاسب له ولذويه.
كان صمويل باياتشى عميلا مزدوجا. كان يهوديا متدينا وعضوا فى طائفة السفارديم، لكنه أعرب فى أحيان كثيرة عن رغبته في التحول إلى الكاثوليكية. كان صمويل و ذووه يعيشون في الهامش ويستغل كل منهم قدراته الخاصة علي تعدد الانتماءات في الوصول إلى ما يريد.
كان باياتشي "مخلصا لجهات متعارضة"، كما يرد في الكتاب، وإن كنا نري أنه لم يكن يعمل لصالح سلطان المغرب و لا لصالح التاج الإسباني، بل لتحقيق مصالح شخصية له و لذويه من اليهود.
أعترف أننا عرضنا إدراج هذا الكتاب ضمن إصدارات المشروع القومى للترجمة بهدف إلقاء مزيد من الضوء على أبعاد قضية مسلمى الأندلس بعد سقوط غرناطة. والكتاب يتضمن بالفعل بعض الأمور المتعلقة بالموريسكيين، لكنه يتضمن كذلك موضوعات أخرى نحسب أنها بالغة الأهمية.
الكتاب يتضمن وثائق لم يلتفت إليها أحد من قبل على حد علمنا، وتتعلق بتاريخ المغرب العربى، وتوضح بعض الحقائق التى يمكن من خلالها أن نصحح بعض المعلومات الخاطئة.
1 - اليهود والموريسكيون:
يتحدث المؤلفان عن دور اليهود في مساعدة الموريسكيين علي إخراج ثرواتهم من إسبانيا بعد صدور قرار الطرد عام 1609، فقد كان ذلك ممنوعا علي الموريسكيين بحكم القانون، أما اليهود فكان بإمكانهم الخروج من إسبانيا وهم يحملون أموالهم. وغنى عن الذكر أن اليهود استفادوا من تقديم تلك المساعدة للموريسكيين.
هناك شخصية موريسكية لا تشير إليها الكتب التى ترجمناها حتى الآن فى مصر.أتحدث عن احمد بن قاسم الحاجري. الكتاب الذى بين أيدينا الآن يشير إلى هذه الشخصية، وإن كان بشكل عابر.
فى كتاب آخر من إصدارات المجلس الأعلى للثقافة ـالموريسكيون فى المغرب ـ كتبت فى المقدمة أتساءل عن سر استخدام السلاطين المغاربة لليهود كمترجمين بدلا من الموريسكيين، والكتاب الذى بين أيدينا يجيب عن هذا التساؤل ويبين أن السبب لا يعود إلى عدم الثقة فى الموريسكيين بل لأن هؤلاء كانوا ممنوعين من دخول شبه الجزيرة الأيبيرية. الدليل على ذلك آن احمد بن قاسم الحاجرى قد أوفد إلى هولندا وأن عددا كبيرا من الموريسكيين كانوا موضع ثقة السلاطين المغاربة وقد عهدوا إليهم بمهام خطيرة.
يلقى الكتاب الضوء على اتفاق تم بين المغرب وهولندا تزود بمقتضاه هولندا المغرب بمائة سفينة حربية لمهاجمة سواحل إسبانيا. تم ذلك أثناء ثورة موريسكيى فالنسيا عام1568
¥