تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دار الحديث النورية ... صرح وثق تاريخ دمشق]

ـ[الجيرودي]ــــــــ[29 - 03 - 08, 11:37 ص]ـ

دمشق

صحيفة تشرين

ثقافة وفنون

السبت 29 آذار 2008

الرابط: http://www.tishreen.info/_cult.asp?FileName=6335022342008032823355116

المهندس: يزن الجيرودي

إذا كانت دور الحديث حصوناً تاريخيةً ذادت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن مدينة دمشق تفخر بأنها أول مدينة ضمت داراً للحديث قبل أي مدينة في بلاد الشام أوالعراق أوالحجاز أومصر ...

وإذا كان من دأب الحكام والولاة بناء المدارس وتخصيص النفقات الوقفية لها فإن مدينة دمشق تفخر بأن أحد ملوكها المجاهدين أول من سن تلك السنة الحسنة فبنى فيها المدرسة الحديثية الأولى ووقف لها الأوقاف الدارّة التي تحفظ لها ولشيوخها استمرار العطاء ...

إن دار الحديث الأولى هذه هي «دار الحديث النورية» (1) والملك المجاهد الذي بناها هو السلطان نور الدين الزنكي ... ونالت هذه الدار مفاخر شتى:فأول من بنيت لأجله الحافظ المحدث المؤرخ أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابن عساكروذلك على عادة نور الدين في تشجيعه للعلماء وتوفير أسباب الراحة والمعاش لهم حتى يتفرغ واحدهم إلى مشاريعه العلمية دون أي شاغل يشغله من هم نفقة ونحوه ,ومن يدري لعل ابن عساكر أتم فيها موسوعته الحديثية التاريخية الضخمة «تاريخ دمشق» تلك الموسوعة التي حيرت المحدثين وأدهشت المؤرخين فقال الإمام المنذري في مؤلفها: (ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع التاريخ من يوم عقل على نفسه وشرع في الجمع من ذلك الوقت ,وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع فيه الإنسان مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبه).وقال فيها د. صلاح الدين المنجد: (قد يكون تاريخ دمشق أوسع تواريخ المدن ,وهو أيضاً من أوسع المصادر في تراجم الرجال، حتى ليجرد منه كتب في موضوعات مختلفة كولاة دمشق مثلاً وقضاتها وشعرائها، ومنه يستخرج أحسن تاريخ لبني أمية سكت معظم التواريخ عنه) ,و قد عقد الحافظ بن عساكر في دار الحديث النورية مجالس إسماع للحديث منها كشف المغطا في فضل الموطا ,ومجلسان من مجالس أمالي ابن صاعد، ومعجم الشيوخ الذي ألفه ابن عساكر.وكانت مجالس ابن عساكر ذات وقار وهيبة ,حافلة بالعلم والخشوع ,و كثيراً ما يزينها حضور السلطان نور الدين الزنكي وإنصاته لحديث رسول الله صلى عليه وسلم وسعيه إلى أن يكون أول المبادرين إلى تطبيقه،فمن ذلك أن الحافظ ابن عساكر رحمه الله كان يسمع الحديث في مجلس نور الدين، فمر في أثناء الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج متقلداً سيفاً، فاستفاد نور الدين أمراً لم يكن يعرفه وقال: كان رسول الله يتقلد السيف! يشير إلى التعجب من عادة الجند إذ إنهم على خلاف ذلك يربطونه بأوساطهم،فلما كان من الغد خرج نور الدين وهو متقلد السيف وجميع عسكره امتثلوا كذلك. كذلك كان الملك الذي بنى دارالحديث النورية لا يرضى إلا بأن يكون أول الآخذين بسنة رسول الله وكذلك كانت مجالس الحافظ بن عساكر الذي بنيت دار الحديث النورية لأجله غنية بتتبع خصال السنة والحض على فعلها ... وصفها الحافظ ابن عساكر بقوله: (كنا بالأمس نحضر مجلس نور الدين كأنما على رؤوسنا الطير تعلونا الهيبة والوقار, وإذا تكلم أنصتنا،وإذا تكلمنا استمع لنا). ثم تولى دار الحديث النورية بعد الحافظ بن عساكر ابنه المحدث القاسم بهاء الدين أبو محمد الذي كتب بخطه تاريخ دمشق من المسودة ضبط ما فيه من المشكل وحدده ,ولذلك كان يقول عنه والده الحافظ: (جزاه الله عني خيراً،فلولاه ما تم التاريخ).وقد أسمع القاسم تاريخ دمشق بدار الحديث النورية مرتين:الأولى بعد وفاة والده بثلاثة أسابيع سنة 571 واستمر حتى أواخر عام 582،والثانية من سنة 587 حتى 596 للهجرة.ومن المجالس التي كان يعقدها مجلس في كتابه الكبير في «الجهاد» قال فيه الذهبي (ما قصر فيه) حتى أن السلطان صلاح الدين سمعه منه في سنة 576.وقد دعا في أول الكتاب وآخره بفتح بيت المقدس فاستجاب الله دعاءه فكان أحد المجاهدين الذين حضروا الفتح العظيم ... وتابع النهج العلمي الحديثي في دار الحديث النورية آل بني عساكر الذين تولوا مشيختها فكثرت مجالس التحديث فيها إلى أن بلغ ذكرها الآفاق فطالما استقبلت هذه الدار من علماء دمشق أو الواردين إليها لإسماع الحديث فيها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير