[الاحتفال بأعياد مسيحية في الأندلس]
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 03 - 08, 01:01 ص]ـ
[الاحتفال بأعياد مسيحية في الأندلس]
(مصادر لدراسة الموضوع)
الجزء الأول: "الدر المنظم" للعزفي
تأليف: فيرناندو دى لاغرانخا
ترجمة: جمال عبد الرحمن
كان هناك في إسبانيا الإسلامية، كما في بلاد إسلامية أخري، احتفالان دينيان كبيران في كل عام: عيد الفطر وعيد الأضحي. كان يحتفل بالعيد الأول عند ظهور هلال شهر شوال الذي ينتهي معه صيام رمضان، وكان يحتفل بالعيد الثاني في العاشر من شهر ذي الحجة (1).
هذان العيدان، بالإضافة إلي الشعائر الدينية البحتة وصلاة الجماعة التي يؤمها "صاحب الصلاة"، كان لهما نفس الطابع الذي يميز كل الاحتفالات الشعبية: كان الناس يخرجون من الشارع في ثياب حسنة أو جيدة وفي البيوت كانت تقدم، طبقا لإمكانيات كل أسرة، أشهى المأكولات.
لدينا وصف للعيدين في مختلف العصور وحتي اليوم تمثلان صورة حية في مختلف بلاد الإسلام خاصة في الريف (2).
وكما كان التاريخ الميلادى لهذه الأعياد يتغير عاما بعد عام، كانت هناك أعياد أخرى غير إسلامية يحتفل بها المسلمون والمسيحيون معا فى أيام محددة.
أحد هذه الأعياد –وأصله فارسى- هو النوروز أو النيروز، وهو يوافق بداية التقويم الشمسى الفارسى، وقد تعرض لبعض التغييرات من حيث تاريخ الاحتفال به بعد الإسلام (3)
ويبدو أن المؤلفين الأندلسيين قد نسوا أن يخبرونا بموعد الاحتفال به كما يقول ليفى بروفنسال الذى يرجح أن يكون تاريخه هو اعتدال فصل الربيع (4) ويحدده هنرى بيريز بدوره، بشئ من التحفظ،، فى أول يناير (5).
لدينا بيانات قليلة ومتفرقة عن عيد النيروز فى الأندلس. كانت الليلة التى تسبقه يعتبرها الأندلسيون أفضل ليلة للزفاف، فى هذا اليوم كانوا يعدون فطائر على شكل مدن، وكانوا يتبادلون الهدايا ويوجهون المديح شعرا إلى الشخصيات البارزة (6). وحول اليناير، وهو كما سنرى نفس العيد، لدينا زجل رائع لابن قزمان سنشير إليه فى حينه.
كان العيد الثانى هو المهرجان، وهو ذو أصل فارسى أيضا، ويوافق تاريخه اعتدال فصل الخريف، واختلط فى النهاية بعيد العنصرة (7) الذى يوافق 24 يوليه، وهو اليوم الذى يحتفل المسيحيون فيه بالقديس خوان.
كان النيروز أو اليناير والمهرجان أو العنصرة هما العيدان اللذان يصفهما ليفى بروفنسال بأنهما "كوكبيان" لكنهما كانا فى إسبانيا دينيين أيضا رغم أن أصلهما ليس إسلاميا.
إن البيانات التى لدينا حول هذين العيدين قليلة لا تكاد تزيد عما عرضناه، ورغم ذلك يمكن دراستهما رغم أنهما اتخذا أشكالا جديدة بين سكان شمال إفريقيا.
وهناك عيد مهم أصله مسيحى هو عيد الميلاد الذى كان المسلمون يحتفلون به، ولا أعتقد أن أحدا تحدث عن ذلك حتى الآن، بالإضافة إلى عيد آخر [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=59#_ftn1).
منذ سنوات طويلة أحاول جمع المادة العلمية لكى أنشر دراسة شاملة عن هذه الأعياد المسيحية التى كان المسلمون والمسيحيون يحتفلون بها معا فى الأندلس. إنه موضوع لم يسترع انتباه من أرخوا لإسلام الأندلس. حتى سيمونيت فى كتابه الضخم عن " تاريخ نصارى الأندلس" لم يخصص للموضوع المساحة التى يستحقها، ومع أنه قد وفق فى العثور على أخبار مهمة فإنه لم يشأ استغلالها (8). أعتقد أن الموضوع مهم جدا لأنه يمكننا من التعمق فى دراسة أحد المجالات المهمة فى تاريخ الأندلس الاجتماعى: مجال التعايش بين النصارى الخاضعين والمسلمين المسيطرين وهم يحتفلون معا بالأعياد المسيحية. لقد فرض المهزوم نفسه على المنتصر كما حدث فى مرات عديدة، وجاء ذلك بالتحديد فى المجال الذى يفصل الجانبين: المجال الدينى. من هنا تجئ حسرات الفقهاء التى سنستمع إليها وهم يدعون المتدينين المسلمين إلى التخلى عن تلك الأعياد المسيحية ولفتهم الأنظار إلى تنامى "الإلحاد" على جانبى مضيق جبل طارق. كان يجب عليهم ذلك، وكأتباع متحمسين لمذهب الإمام مالك توجهوا إلى السماء وهم أمام أمر يهدد سلامة معتقدات أبناء دينهم. كان الأمر عبارة عن قدر مبالغ فيه من الحمية الدينية إذ أن ذلك لم يكن معناه إطلاقا اقتراب المسلمين من العقيدة المسيحية، وكان الفقهاء أول من يعلم ذلك. وقد كان لهذه الظاهرة سابقة فى الشرق لاحظها آدم ميز
¥