ومن بين الأمور التي تدل على ذكائه وسعة اطلاعه أنه لما ذهب إلى الحج في حجته الأولى سنة 1953م على متن الحافلة مر على مصر وزار الأزهر الشريف وبقي فيه أسبوعا. وقد التقى الشيخ فيها - أي مصر - بأهل العلم من علماء ومتعلمين والتف حوله طلبة العلم لما رأوا فيه من سيمات العلم البادية، حتى أنهم طلبوا منه درسا وألحوا على أن يكون في شرح (الاخبار بالذي والألف واللام من ألفية ابن مالك)، وهذا الباب معروف بباب امتحان الطالب لصعوبته، إلا أن الشيخ أفاض فيه وأسهل وأفاد.
وهو الأمر الذي جعل علماء مصرَ يحترمون الشيخ بلكبير ويسألون عن أخباره، ومن الأمثلة على ذلك أن الشيخ عبد الحميد كشك كان يسأل كل من زاره [من أهل المغرب] عن الشيخ محمد بلكبير وعن طلبته، حتى أنه أي الشيخ عبد الحميد كشك قد رد بعض الطلبة ممن كانوا يقصدونه للدراسة - وهم من مدينة المنيعة بغرداية - وأمرهم بالرجوع إلى الشيخ محمد بلكبير للدراسة عنده وهو ما تم فعلا.
ومن بين الأمور كذلك التي تدل على بعد نظره، واتساع فهمه، أنه دخل في مناظرة مع أستاذ من الأزهر عن كتب الفقه؛
قال الأستاذ: كتب الفقه كخليل والرسالة التي تدرسونها في بلاد المغرب كلها باطلة ومضيعة للوقت ولستُ ممن يعيرها أي اهتمام، وإنما العلم لا بد أن يكون من الكتاب والسنة النبوية فقط.
فقال الشيخ رحمه الله: إن أعطيتني مسألة واحدة من القرءان والحديث الشريف فقط، من دون الرجوع إلى حافظتك، وإلى كلام الفقهاء، سلمت لك فيما تقول، وأعرضت عن تدريس كتب الفقه هذه وعدت إلى الأخذ من القرءان والحديث النبوي الشريف فقط، فسكت الأستاذ وبهت ولم يزد على ذلك بكلمة واحدة.
ولم تكن هذه المناظرة أول ولا آخر المناظرات، بل كان بلكبير مناظرا بارعا، مدافعا عن كتاب الله وسنة نبيه، بعيدا كل البعد عن الغلو والتشدد في دين الله محبا للعلم والمجتهدين.
ومن أهم التشريفات والمناصب التي تقلدها الشيخ محمد بلكبير رحمه الله نجد:
أ- مشيحة المدرسة: منذ نشأتها سنة 1950م إلى وفاته سنة 2000م، تخرج على يده منها ما يزيد على20 ألف طالب يجوبون بقاع المعمورة كدعاة وأئمة ومعلمين.
بـ- إمام أستاذ ثم رئيس المعهد الإسلامي بأدرار منذ سنة 1964م.
جـ- شهادة تقديرية (ليسانس من وزارة الأوقاف تحت رئاسة أحمد توفيق المدني).
د- شهادة ليسانس أخرى في سنة 1991م.
هـ- شهادة دكتوراه فخرية من جامعة وهران سنة 1997م.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[27 - 07 - 08, 02:58 م]ـ
خلاصة:
إن الإنسان لا يعرف إلا بمقدار ما يقدمه إلى مجتمعه، أو ما يسهم به داخل هذا المجتمع من أعمال وأدوار ونشاطات، تعود بالفائدة على أفراد هذا المجتمع.
ومن ثمة فقد ساهم الشيخ محمد بلكبير بالنفس والنفيس، من أجل بعث حياة أفضل في المجتمع الذي يعيش فيه ويتأثر به، وذلك من خلال تلك الإسهامات المتناسبة مع المسار الزمني لحياته؛ حيث كانت الانطلاقة في مرحلة الاستدمار الفرنسي ببناء المسجد الكبير الذي انبعثت من جنباته ومن حلقاته أفكار النضال والمقاومة بل والحفاظ على مقدسات الأمة التي حاول المستدمر الفرنسي طمسها والقضاء عليها.
حتى إن الشيخ قد جعل من الجهاد واجبا مقدسا يحتم عليه الوقوف إلى جانب الثورة التحريرية والمجاهدين، بل وتقديم الدعم المادي والمعنوي لأفراد جيش وجبهة التحرير الوطني.
أما في مرحلة ما بعد الاستقلال فقد واصل الشيخ واجبه الجهادي من أجل بناء مجتمع ملؤه الأخوة والمساواة، النابعين من روح الإسلام والعروبة، وذلك من خلال تلك الإصلاحات التي مست الجانبين الديني والاجتماعي، والتي حاول الشيخ أن يجسدها في المجتمع التواتي لما كان يسوده من مفارقات ومخالفات تولدت عن الحقبة الاستدمارية.
وقد ركز الشيخ على الإصلاحات الاجتماعية لما لها من أهمية في بناء شخصية المجتمع وتربيته وتوجيهه، وهو الأمر الذي أكسبه إلى جانب حب الخاص والعام مكانة علمية مرموقة مشهود لها، تؤكدها تلك المواقف والتشريفات التي نالها الشيخ في حياته، وحتى بعد مماته.
بعض مأثوراته:
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 01:02 ص]ـ
أخذت مادة البحث أعلاه من موقع ميراث توات ( http://www.taouat.net/home.htm)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 01:08 ص]ـ
أما بعد:
لا بأس أن نعرض أسانيد علم الشيخ رحمه الله ...
¥