7 - تكوين جملة من الكفاءات والأئمة والخطباء: يعملون على تربية المجتمع وإصلاحه وتوجيهه نحو وجهة الإسلام والعروبة، وهو ما تجسد في تلك الدفعات التي تخرجت على يد الشيخ محمد بلكبير والتي انتشرت في كافة أرجاء القطر الجزائري إن لم نقل تعدت الحدود إلى مختلف بقاع العالم. وهو ما نستخلصه عندما سأل باحث مصري الشيخ محمد بلكبير بقوله: لماذا لم تؤلف كتبا بالرغم من شهرتك وقدرتك العلمية؟ فأجاب الشيخ: "لقد كنا مشتغلين بتأليف العقول عن تأليف الكتب"
؛ فهو – رحمه الله - يرى أن تربية العقول وإصلاحها وإعدادها لتحمل الرسالة الاجتماعية والعلمية أولى وأهم من تأليف الكتب.
8 - محاربة التغريب والانسلاخ من الذات: لقد كانت من نتائج التطور الحاصل في وسائل الإعلام والاتصال أن تفتح المجتمع الجزائري عامة، ومن ورائه مجتمع إقليم توات على أفكار الغرب بحلوها ومرها، فابتعد عن شخصيته الجزائرية والعربية الإسلامية: نزع العمامة والعباءة والحجاب، ولبس الموضات الغربية، وتعدى ذلك إلى التقليد الأعمى والانبهار بالغير والانسلاخ من الذات.
وهو الأمر الذي دفع الشيخ إلى تركيز جهوده من أجل المحافظة على ثوابت الأمة من دين ولغة وعادات وتقاليد وذلك عن طريق الوعظ والإرشاد والتذكير بمخاطر الانجراف نحو التقليد. وهو ما يتجسد في تلك المقولة التي طالما كان يرددها: "العربي زينته العمامة ... وشَعْر الوجه له علامة".
9 - محاربة أشكال الظلم والتطرف: مما هو معروف أنه لا يخلو مجتمع من أشكال الظلم الحسي والمعنوي والتطرف الفكري والديني، كما أن الإنسان بطبيعته يميل إلى التسلط وحب الذات وإلى إشباع ميولاته ورغباته وغرائزه بشتى الوسائل والطرق.
وهو الأمر الذي دفع الشيخ إلى العمل المتواصل من أجل محاربة كل أشكال الظلم في المجتمع التواتي، من خلال التربية وإرشاد الغافلين ونصرة المظلومين، بل وحتى التوسط لهم في المصالح المختصة من أجل أخذ حقوقهم إذا انتهكت.
كما عُرف عنه أنه لا يخاف في الله لومة لائم إذا ما انتهكت حقوق العباد من طرف المسؤولين أو أرباب المال والأعمال.
أما التطرف الفكري أو الديني فقد كان نتاج تلك التعصبات المذهبية، وهو ما عانت منه الجزائر في أزمة التسعينات "العشرية السوداء".
وهنا عمل الشيخ على تبيين منهجه المبني على الاعتدال ونبذ التطرف بكل أشكاله، ومن ثمة فقد كان يدعو الشيخ إلى معالجة القضايا السياسية بالحوار والتفاهم وليس بالاقتتال بين أبناء البلد والأمة الواحدة، وهو ما يدعو إليه القرءان والسنة النبوية الشريفة؛ حيث حرم الله عز وجل قتل المؤمن لأخيه المؤمن بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنمخالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} الآية 93 من سورةالنساء.
وبذلك فقد عايش الأزمة الجزائرية كما عايشها غيره من أهل الصلاح والورع، حيارى لا يدرون ما يفعلون من غير الدعوة إلى الحوار ونبذ العنف بكل أشكاله.
3 - مكانته العلمية:
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[27 - 07 - 08, 02:44 م]ـ
مكانته العلمية:
لقد تربع الشيخ محمد بلكبير على عرش العلماء في إقليم توات بدون منازع وانتهت إليه رياسة العلم فيه بعد وفاة شيخه أحمد ديدي رحمه الله، وقد برز الشيخ بلكبير في العلوم الشرعية من فقه وتفسير وحديث ... إلى جانب علوم اللغة والأدب العربي من نحو وصرف وبلاغة.
وهو بذلك بحر لا يجارى وإماماً لا يمارى في عصره، بين أئمة وعلماء توات، وقد تميز رحمه الله بقدرته الفكرية وملكاته الذهنية حيث كان يلقي دروسه باسترسال ومن دون إحضار أي كتاب أو النظر فيه وذلك من غير تردد أو تلعثم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سعة اطلاعه وغزارة علمه.
حتى أن كبر سنه في أيامه الأخيرة لم يؤثر في ذهنه ولم يعطل من طاقته، فكان بالرغم من ذلك يجيب عن المسائل العويصة بالإجابة الدقيقة التي تشفي العليل وتروي الغليل.
¥