اتَّسمت شخصيَّة المحاسني بالتَّواضع والنَّقاء والاعتزاز بالنَّفس، مع ميلٍ إلى الطَّرافة والتَّواصل الاجتماعي.
وكان صدرُه يتَّسع للكثيرين، فكان يستقبلُ في داره بالمزرعة الأصدقاءَ وغير الأصدقاء، ويبادلهم الحديث، وينصتون إلى حديثه الجذاب الذي ينمُّ عن أفقٍ واسع، وثقافةٍ عريضةٍ أصيلة، واطِّلاع كبيرٍ على الثَّقافات والآداب العالمية.
وفي بيته كان مثالاً يُحتذى للوالد الجليل الذي يعامل أولادَ أسرته بكل حنان وأبوَّة، ويتبادل معهم الآراء والأفكار.
وشخصيته السَّمحة هذه انعكست على أدبه و كتاباته، فلا تجد أيَّ أثرٍ لطعم الهجاء، بمعناه الفني، فيما خطَّ نثراً وشعراً، كما شهد بذلك الشَّاعر اللُّبناني الكبير الدكتور فوزي عطوي.
أسلوبه:
يجمع أسلوب المحاسني في الكتابة بين الجزالة وقوَّة التَّعبير والبلاغة العربية، ويتفنَّن في الأسلوب والمعنى، وقد ظهرت نفسيَّته الشَّفافة النَّقية على أسلوبه الذي اتَّسم بالوضوح في كلِّ مؤلفاته، وابتعد عن التَّصنُّع والتَّكلُّف في شعره ونثره.
يصف الباحث الأستاذ ظافرٌ القاسمي أسلوبَ المحاسني فيقول: "أقبل على الشِّعر فجوَّد فيه، وكان من فرسانه، ولو أنَّ ديوانه بين يديَّ لأيَّدت أقوالي بالكثير من روائعه، وأقبل على النَّثر فإذا هو من فحوله: أسلوبٌ قرشيٌّ صافٍ مشرق، لا ترى فيه عوجاً ولا أمتاً".
ويقول الأستاذ أنور الجندي صاحب (الموسوعة الكبرى في الأدب المعاصر) عن المحاسني ولغته: "المحاسني شاعرٌ بكلِّ معنى الكلمة، حتَّى لو كتب النَّثر أو ألَّف في الدِّراسات العقلية".
ولغة المحاسني في التَّعبير الأدبي تنمُّ عن امتلاكه موهبة الكتابة، وتمسُّكه باللُّغة العربية الفصحى.
بل إنَّ رسائله كانت أيضاً تنمُّ عن جمالٍ في اللَّفظ، وغنىً في اللُّغة، وقدرةٍ في التَّعبير بصدقٍ وأمانة.
عضويَّته في المجامع والهيئات الأدبية:
انتُخب المحاسني عضواً عاملاً في الجمعية الملكية للدِّراسات التَّاريخية بالقاهرة سنة 1952م، وكان في هذه المدة يشغل منصب الملحق الثَّقافي لسفارة الجمهورية السُّورية في مصر.
كما تمَّ تعيينه عضواً في مجمع اللُّغة العربية في القاهرة سنة 1972م تقديراً من المجمع لعلمٍ من أعلام الأدب العربي المعاصر.
وانتخب أيضاً عضواً مراسلاً في المجمع الملكي الإسباني في إسبانية سنة 1970م لعنايته بالدِّراسات الأدبية العربية ومشاركاته الشِّعرية والنَّثرية في الأدب الأندلسي.
عنايته بالتُّراث العربي:
تتجلَّى عنايته بالتُّراث العربيِّ في عمله بالتَّحقيق، وحبِّه لهذا العمل، من خلال تحقيق ديوان (الشَّريف العقيلي).
كما عمل المحاسني مديراً لإحياء التُّراث والمخطوطات في وزارة الثَّقافة السُّورية.
وقد عُني في شعره ونثره بتراثنا العربي، واهتمَّ بقضية نشره وتحقيقه على أسس علمية صحيحة، وقدَّم دراسةً وافية لتحقيق الأستاذ حسن كامل الصَّيرفي لديوان البحتري أثنى عليه فيها.
المحاسني شاعراً:
بدأ المحاسني في نظم الشِّعر وهو طالبٌ في مدرسة التَّجهيز بدمشق، وكان قد حفظ الكثير من القصائد لشعراء قدماء ومعاصرين، فأخذت تدفعُه إلى الكتابة الشِّعرية تأمُّلاتٌ فكرية وسوانح عاطفية، كانت تنبع من داخله، ومؤثِّرات خارجية تركت في نفسه أثراً.
ويعبِّر هو عن رأيه في الشِّعر فيقول: "إنَّ الشُّعور ذو عمرٍ يرافق صاحبه، فما كنت أحسُّ به وأنا في ميعة الصِّبا هو غير ما أحسُّ به الآن، ووفاق ذلك يكون دافع الشِّعر، وقد أراني مؤمناً بالتَّطور الذَّاتي، فالشَّاعر مثل النَّبات؛ ينمو ثم يزدهر ويثمر خلال هذا العمر في الصِّبا والكهولة، ويجود بما يجود به الزَّهر في الرَّبيع .. ".
وكان المحاسني مغرماً بالشِّعر العربي القديم، ومعجباً بالشَّاعر الكبير أبي الطَّيب المتنبي، كما أنَّ له عنايةً بالشِّعر الحديث وأعظم شعرائه أحمد شوقي.
ويُعدُّ المحاسني من أخصب شعراء الشَّام قريحةً وإنتاجاً، يرتجل الشِّعر أحياناً، ويقوله على البديهة والموهبة، فإذا واتاه الإلهامُ فاضت على لسانه قصائدُ بديعة، تتدفَّق بالمعاني والصُّور التي تموج بالألوان والظِّلال، بلغةٍ فصيحةٍ تضاهي قديم الشِّعر العربي.
¥