تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعلَّ أروع بطولة سجلها في تاريخ الحركة الإسلامية في السنغال هو رفضه رفضًا قاطعاً للمساومة حينما التجأ إليه مسلمون فارون من الاحتلال الإنجليزي إثر نزاع نشب بينه وبين الْمحتلين الأجانب، وكان هؤلاء قد طالبوا الإمام "فودي كبا" بعدم حماية المسلمين وبضرورة تسليمهم إليهم؛ وكانت حمايته لأولئك المسلمين سببًا لنشوب معارك ضارية بينهم وبين ائتلاف مكوّن من الفرنسيين وحلفائهم من الخونة؛ وأثناء تلك الاصطدامات استشهد الإمام "فودي كبا " سنة 1901م بعد حياة حافلة بالأعمال البطولية في خدمة العقيدة الإسلامية.

وهناك مراكز ومحاضر إسلامية أخرى كثيرة في هذه الفترة ظلت مراكز إشعاع إسلامي ومنطلقات لنشر تعاليمه في المنطقة، فمنها – على سبيل المثال لا الحصر-:

محضرة جانا "سُونْكُودُو" للشيخ فودي إبراهيم درامي.

ومحضرة "جَانَّابَا" للشيخ المجاهد فودي إبراهيم جِيبَاتِي.

ومحضرة "جُدُبُ" لفودي مَانْكَالِي دَرَامِي وابنه فُودِي دِيْمبَ دَرَامِي.

ومحضرة "دَارُ السَّلاَمِ" لفُودِي جَانْكُو سِيسِى.

ومحضرة "انْجَامَا بِبَاكَاوْ" للشيخ محمد سَيْدِي جَهْ، وابنه الشيخ محمد الغزالي سَيْدِي. وكذلك محضرة الشيخ العلامة محمد البخاري سيلا.

إلى غير ذلك من المحاضر العلمية التي كانت قائمة وعامرة، في منتصف القرن التاسع عشر؛ وإن كنا لا نزال نجهل تواريخ إنشائها وتأسيسها ومؤسسي بعضها. هذا ولا يزال بعضها عامرة إلى اليوم، مع تقلص وضعف ظاهر في مستوى أدائها العلمي والتربوي في العقود الأخيرة.

وقد كانت الدراسة في هذه الفترة مرتكزة على تعليم القرءان الكريم، يتفرغ له الطالب إلى أن يَختمه، ثلاث ختمات على الأقل، ثم يتلقن القصيدة العشرينية للشيخ الفازازي الأندلسي مع تخميسه لابن المهيب، يقرأ الطالب نصها مجردا عن الشرح والتعليق، وتحظى هذه القصيدة باهتمام كبير في أوساط محاضر المنطقة، ثم يبدأ الطالب بعده بتلقي مبادئ العلوم الشرعية؛ بدءا بِمختصر الأخضري والعشماوية والعزية ومرورا بالرسالة القيروانية، ثم كتاب إرشاد السالك لابن عسكر في الفقه المالكي وهذا الكتاب صنوٌ لمختصر خليل ومفضل عليه عندهم.

ثم يبدأ الطالب بدراسة الأدب العربي الإسلامي بدءا ببردة البوصيري وهمزيته، وقصيدة بانت سعاد، ودالية اليوسي ثم مقصورة ابن دريد فمقامات الحريري والشعراء الست الجاهليين.

أما مادتا النحو والصرف فيبدؤونهما بالآجرومية، فملحة الإعراب، ثم الألفية لابن مالك؛ هذه في النحو، ولامية الأفعال، في الصرف، على ضعف في مستوى إجادتها وإتقانها، وقلة المهتمين بها في الفترة الأخيرة.

وأما مادتا العقيدة والحديث الشريف فلم تحظيا بالاهتمام الذي حظيت به الفنون الأخرى في المحاضر.

والتفسير يكون دائما آخر ما يتلقاه الطالب في المحضرة، إذ يتخرج فورما يختمه، ويتوج يوم ختمه بالعمامة الفُودِيوِيَّةِ ويلقب من يومئذ بـ "فودي فلان" فهذه هي أهم الملامح في تشكيلية المحاضر التعليمية في المنطقة سواء في أنظمتها المتبعة، أو في مناهجها المقررة في الفترة الزمنية المذكورة.

ويلاحظ عليها أن حفظ القرءان الكريم لم يكن قط من ضمن برامج المحاضر، ولم يكن لهم أي عناية بحفظه، - كما هو الحال في المحاضر الشمالية - بل الغاية عندهم إتقانه إتقانا يسمح لهم بالشروع في تلقي العلوم الأخرى كالترتيب الذي سبق بيانه.

هذه هي أهم مراكز ومحاضر العلم لدى الماندينك.

وأما فلانيو كاسماس فقد كان بداية ظهور الاهتمام بالعلم فيهم متأخرا جدا، إذا قارناهم ببني عمهم من فلانيي فوتا طورو وفوتا جالون، حتى إن جيرانهم من الماندنكيين سبقوهم في هذا المضمار، ولهذا فإن الدكتور عمر با – وهو منهم والخبير بهم وبتاريخهم - ذكر أن الطبقة الأولى من طبقات العلماء في فولدو هم أولئك الذين وفدوا إلى إمام "فوتا جالون" وتعلموا من هناك وكان في نيتهم نشر الإسلام ومقاومة الحكم الماندينكي في وقت واحد؛ وقد اشترط عليهم الإمام تطبيق الشريعة الإسلامية فوافقوه ورجعوا وكلهم حامل للقب "ألفا ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=59#_ftn1))" وأحسنوا إسلامهم قدر ما يسمح به علمهم.

ومن أشهرهم: ألفا بكاري ديمب مروم، وألفا قيدل، وألفا باكر سيول، وألفا سعد بالدي وغيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير