ومن أكبرهم أثرا في ذلك الشيخ محمد سالم سواني مؤسس قرية "مدينة الحاج سواني" في أوائل الخمسينات، وما زال أبناؤه يسيرون على طريقته ومنهجه في الدعوة والإرشاد، وعلى رأسهم نجله الشيخ الحاج إبراهيم سواني، والشيخ الحاج كرنبا عبد الله سواني المشرف على الشؤون التعليمية في القرية، والموهوب في التربية والتكوين، والذي له مساهمات كثيرة في مجال نشر الوعي والثقافة الإسلامية في المنطقة، من خلال محاضراته القيمة وحكمه البليغة التي ملأت الآفاق، وانتشرت في الأقطار.
ومنهم الشيخ الحاج قاسم سيلا "الوُودُوكَارِي "الأصل ومؤسس قرية "طيبة"في ضواحي مدينة "مارساسوم"وقد كان له مساهمات فعالة في نشر العلوم الشرعية والثقافة الإسلامية في قريته طيبة التي جعلها محضرة للتعليم الديني والتربية الروحية، ومازالت محضرة طيبة تؤدي دورها في نشر العلم في المنطقة بفضل جهود نجل الشيخ ووارثه الشيخ الحاج مصطفى سيلا الداعية الكبير والواعظ الْمُفَوَّهِ، ذي الآثار الملحوظة في مجال الوعظ والإرشاد، ويمتاز عن غيره من المحاضرين المخضرمين في المنطقة تناوله في خطبه ومواعظه مواضيع الساعة مع غاية في الإبداع،.
وغيرهم من حملة الدعوة الإسلامية والثقافة الدينية في المنطقة.
وقد سجل أهل فولادو في هذه الفترة تقدما ملموسا حتى أربوا على إخوانهم من الماندنك من الناحية العلمية إذ انتشرت فيها محاضر ومجالس كثيرة، كما برز منهم علماء كبار من الطراز الأول، بعضهم من سكان المنطقة الأصليين كالشيخ محمد جولدي سيدي [1900 - 1991م] والشيخ محمد الأمين بن الزبير [1910 - 1987م]، فقد كانا من كبار علماء المنطقة ودعاتها، ومؤلفاتهم تدل على مدى ما كانا يتمتعان به من العلم والمعرفة.
والبعض الآخر هاجروا من مناطقهم الأصلية واستوطنوا كاسماس لأجل الإسهام في نشر الثقافة الإسلامية، منهم الشيخ الحاج محمد سعيد بَهْ نزيل "مدينة غوناس" و"مدينة غوناس" من أهم مراكز الثقافة الإسلامية في المنطقة بشقيها، ولم يزل أبناء الشيخ محمد سعيد وطلابه يواصلون مهامه في نشر العلم والثقافة الإسلامية في المنطقة.
ومن الجدير بالذكر أن علماء المنطقة وشيوخها في الفترتين السابقتين كانوا كلهم أشعريين صوفيين، غير أن الماندنكيين معظمهم قادريون والفلانيين معظمهم تجانيون، والمريديون فيهم قلة، إلا أن المريدية بدأت تنتشر انتشارا سريعا زاحمت الطريقتين في كافة الميادين الدينية والثقافية والاقتصادية.
وفيِ العصر الحديث بدأ يظهر في الساحة عنصر آخر من حملة العلم، وهم المتخرجون من الجامعات الإسلامية والعربية، وهم يحملون معهم شهادات وإجازات أكاديمية عالية في تخصصات مختلفة، فكان ظهورهم في الساحة وفي هذا الوقت له أهمية كبيرة، لو تم التفاهم بينهم وبين الشيوخ والمخضرمين من الدعاة ومؤسسي المحاضر والمراكز العلمية القديمة.
وقد لعب هذا العنصر دورا بارزا في نشر الصحوة الإسلامية في المنطقة منذ فجر الاستقلال، حيث أسس بعضهم مدارس نظامية في قرى ومدن كثيرة مساهمة منهم في نشر الوعي الإسلامي بين المسلمين.
ومن طلائع هذه المدارس النظامية مدرسة الأستاذ أبو بكر سُو في مدينة زغنشور، أنشأها في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وتعتبر بحق أول مدرسة نظامية تَطْلُعُ عليها شمس المنطقة، وقد حذا حذوه بعضُ خريجي المعاهد والجامعات العربية الإسلامية، فساهموا في إثراء التعليم النظامي ومن أكثرهم نجاحا في هذا المجال: الأستاذ انْفَانْسُو بُوجَانْ إمام وخطيب المسجد الجامع ببِنْجُونَا فقد حقق في مجال التعليم النظامي في المنطقة مالم يحققه غيره فبفضله انتشرت الثقافة الإسلامية العربية بين الجولويين، ومازالت معاهده في بنجون وضواحيها تؤدى دورها في نشر الثقافة الإسلامية في كاسماس.
ومن المدارس التي لها نشاط كبير في التعليم والتثقيف مدارس الدكتور عمر بَهْ (بَالْدِي) في قرية "سَارِي الْحَاجِّ صَالِحْ" وفي كُولْدَا، بل هذه هي المدرسة الوحيدة في المنطقة التي تمكنت- بفضل مديرها عمر به- من إرسال خريجيها إلى الدول العربية لمواصلة دراساتهم الجامعية.
هذا مع كثرة الملاحظات التي تسجل على الأستاذين، من حيث الهدف والعقيدة والمنهج.
وهناك مدارس نظامية أخرى لها أهمية كبيرة ودور بارز في المنطقة لكنها دون مدارس الأستاذ انفانسو والدكتور عمر به أداء وأهمية؛ على أنهما مع أهميتهما فتعوزهما دقة التنظيم والبرمجة وتحديد مناهج وخطط دراسية بناءة، إضافة إلى محدودية إمكانياتها المادية، ما لو تحققت لهما لالتحقتا بمثيلاتِهما من مدارس الشمال.
هذا ومع الانتشار البسيط الذي حققته المدارس النظامية في هذا العصر في منطقة كاسماس فلا تزال الكتاتيب والمحاضر العلمية المحافظة تشكل الأغلبية في القرى والمدن، وإن كانت الدراسة فيها كما وصفنا أقرب إلى العقم والجمود منه إلى الإنتاج، نظرا لتقادم مناهجها وطرق التلقي فيها فضلا عن ضعف المستوى العلمي والمعرفي للمشرفين عليها غالبا.
كما ظهر في الْمنطقة في العقدين الأخيرين عنصران غريبان يحملان مبادئ تخريبية وعقائد مخالفة لضروريات العقيدة الإسلامية، وهما القاديانية والشيعة الرافضة، لكن الأول وإن سبق في الْمنطقة فليس له فيها نشاط ذو بال، وأما الثاني فمنه يكمن الخطر كل الخطر إذ بدأ يحرز تقدما سريعا في أوساط بعض القبائل الحديثة العهد بالإسلام.
والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء الصراط.
**** فمن يرد مزيدا من المعلومات عن أنشطتهم فليطالعها في منتدى العقيدة في هذا الملتقى. تخت عنوان [الرافصة ونشاطهم في منطقة كاسماس السنغالية]
[/ URL]([1]) - لقب يطلق على العالم الفقيه عند الفلانيين.
( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=59#_ftnref1)([2]) هذه أهم المناطق التي ينتشر فيها القبائل الجولاوية في كاسماس.
[ URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=59#_ftnref3"]([3]) - منطقة تقع في أقصى شرق السنغال ويسكنها خليط من القبائل الفلانية والماندنكية والسوننكية.