تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلم يزل الأمر كذلك إلى أن ولي الإمام عبد الرحمان بن معاوية الداخل للأندلس؛ فاشترى النصف الثاني من الكنيسة, و زاده في الجامع المذكور و بناه و أتقنه, و أنفق في بنائه مائة ألف دينار بالوزنة.

ثم زاد فيه و حسن بناءه ولده هشام و حفيده الحكم, ثم زاد فيه عبد الرحمان بن الحكم الإمام زيادة كثيرة.

كانت أقواسه القديمة التي بناها جده عبد الرحمان الداخل وولده هشام و من كان قبلهما من الأمراء تسعة أقواس؛ فزاد فيه عبد الرحمان بن الحكم بهوا من جهة المشرق و بهوا من جهة المغرب؛ فأكملها أحد عشر قوسا, و أعلى سقفه, و بناه بالآلات العجيبة, وجعل سعة كل بهو منها تسعة أذرع و نصف ذراع, و أكمل أبواب الجامع سبعة أبواب, عرض كل باب منها خمسة أذرع, و جعل حدّ الزيادة من حد الأرجل إلى منتهى القبلة تسعة و أربعين ذراعا, وجعل عرض الأرجل الرأسية في المسجد خمسة أشبار, و زاد في جوفه سقيفة للنساء عدد سواريها ثلاثة و عشرون سارية, وذلك في سنة أربع و ثلاثة و مائتين.

ثم زاد فيه أمير المؤمنين الحكم المستنصر بالله تعالى على أحد عشر بلاط, ونقل المحراب القديم إلى موضعه إلى الآن , و أتقنه و زينه و أنفق فيه أموالا جليلة, وصنع به منبرا عظيما مؤلفا من الأبنوس و الصندل الأحمر و الأصفر و النبع و العُنّاب و الشوحط و البقم , و نصبه بالمقصورة.

ثم كان آخر من بناه و أتقنه و زاد فيه على ما كان بناه الخلفاء قبله نحو النصف الحاجب المنصور محمد بن أبي عامر, ابتدأ بالبناء فيه غرة رجب من سنة إحدى و ثمانين و ثلاثمائة, و صلى الناس فيه في رجب سنة أربع و ثمانين و ثلاثمائة و وكان العمل فيه نحو من سنتين و نصف, وخدم فيه رحمه الله ووجوه أعيان الجلالقة و الإفرنج و الرمانيين من النصارى يعملون مع الصناع مصفدين في الحديد إلى أن أكمل البناء.

وصنع فيه الأجباب لاستقرار مياه المطر تحت صحن الجامع المذكور؛ فكمل على أتقن شيئ.

فجعل سطح الجامع المذكور من القبلة إلى الجوف ثلاثمائة ذراع و سبعة و أربعين ذراعا, و عرضه مائتان و خمسين ذراعا, وتكسير أرضه حرث مدّين و قفيز و ثلث, وقيل إن تكسير أرضه بالمساحة أحد عشر قفيزا و ثلث قفيز بالقرطبي.

و عدد بلاطاته المسقفة تسعة عشر بلاطا, وعدد أبوابه الكبار و الصغار خمسة و ثلاثون بابا؛ فالكبار منها إحدى و عشرون بابا, و الصغار باقيها, منها في الجانب الغربي سبعة و في الشرقي تسعة, و في الجوفي عشرة, و باقيها في القبلة حيث هو باب الساباط الذي يدخل منه الخلفاء, و الأبواب الكبار منها كلها مغشاة بصفائح النحاس المموه بالذهب.

و عدد سواريه الحاملة لسقفه, و الملصقة ببنائه و قبابه و مناره ما بين كبار و صغار ألف سارية و أربعمائة سارية و تسع سواري, منها بداخل المقصورة مائة سارية و تسعة عشر سارية, ومنها في الصومعة من خارجها و من داخلها مائة و أربعون سارية, ومنها الحاملات لسقف البلاطات و ما اتصل بها ألف سارية و مائتان و ثلاث و خمسون سارية.

و سعة المنار من كل وجه من تربيعه ثمانون شبرا و ارتفاعه إلى حيث يقف المؤذن مائة و ستون ذراعا, و الصومعة القديمة مائة و خمسون ذراعا, و عرضها في كل تربيع ثمانية عشر ذراعا, و عدد أدراجها في الشق الأيمن مائة درجة و عشر درجات, و في الشق الأيسر مائة درجة و عشر درجات.

و عدد ثرياته الصغار مائتان و خمسة و ثلاثون ثرية منها في الصومعة خمسة, و منها في القبة أربعة, و هي أعظمها, تحمل كل ثرية منها سبعة أرباع من الزيت تحترق فيها في ليلة واحدة, و منها في المقصورة ثلاثة ثريات من الفضة الخالصة, تحمل كل ثرية منها ثمانية عشر رطلا من الزيت, و يحترق بالجامع المذكور أعاده الله للإسلام من الزيت كل سنة في الثريات المذكورة ألف ربع و ثلاثون ربعا منها في شهر رمضان خاصة دون أشهر السنة خمسمائة ربع كاملة.

و صنع فيه منبرا عظيما فيه ستة و ثلاثون ألف وصل, قام كل وصل منها بسبعة دراهم فضة, و كل وصل منها مؤلف من أنواع الخشب الرفيع كالعود الرطب و غيره, و الأوصال كلها مسمرة بمسامير الذهب و الفضة, ومنها ما هو مكوكب الرأس بالجوهر و نفيس الأحجار, لم يصنع في الإسلام منبرا أحسن منه, و عدد درجاته تسع درجات, و خدم فيه خمسة أعوام, وأنفق في عمله ثلاثين ألف دينار و سبعمائة دينار و خمسة دنانير و ثلاثة دراهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير