تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما عن صلاح أبيه فقد نقل الإمام السخاوي عن ابن العطار أيضاً قوله: الشيخ الزاهد الورع وليُّ الله، وقال عنه الإمام اليونيني: كان من الصالحين مقتنعاً بالحلال يزرع له أرضاً يقتات منها هو وأهله، وكان يُمَونُ الشيخ محيي الدين منها مؤنته وقتاً بوقت ولا يأكل من عند غير أبيه لِما يعلمه من صلاحه واستعماله الحلال الخالص، وبلغ من زهده وورعه أنه لما مات ولده الشيخ محيي الدين النووي أنفق كتبه التي صنفها في مختلف العلوم الإسلامية سواءً المكتوبة بخطه أم التي اشتراها بماله، وهي تساوي جملة كبيرة، بل جعلها عند تلميذه ابن العطار لينتفع بها المسلمون.

هكذا عاش الرجل الصالح، وهكذا هيأ حياة صالحة لأولاده، فغرس فيهم الورع والتقوى وغذاهم بالحلال،فتمخضت الأسرة الكريمة، فأنجبت إماماً وعلماً من الأعلام ذاع صيته في البلاد الإسلامية، فتشرفت به وتشرف بها، أما مصادرنا التاريخية بخصوص بقية أسرته فلم أجد عنهم فيها شيئاً سوى بعض الإشارات، منها ما قاله الإمام اليونيني: إنَّ له أخوة وإنهم عاشوا بعد أبيهم أيضاً وإنَّ منهم كباراً وصغاراً، ولم يُعلم عنهم شيء آخر

رابعاً:نشأته:

عاش الإمام النووي (رحمه الله) مدة طفولته وصباه في كنف والده، وكان يعمل مع أبيه في دكانه الذي يتعيش منه، وتحت رعايته في مدينة (نوى)، وكان أبوه مستور الحال مبارك له في رزقه، يعيش في ستر وخير وبركة، وكان مشهوداً له بالصلاح منذ طفولته، وما يدل عليه قول تلميذه ابن العطار: ذكر لي بعض الصالحين الكبار انه ولد وكتب من الصادقين، ثم ينشأ نشأة العلماء الكرام الذي تحفه رعاية الله سبحانه وتعالى، فمنذ صغره وهو ابن سبع سنين يداوم على قراءة القرآن، وهذا ما ذكره ابن العطار إذ قال: "ونشأ بنوى وقرأ القرآن، فلما بلغ سبع سنين، ـ وكانت ليلة السابع والعشرين من رمضان ـ قال والده: كان نائماً إلى جنبي، فانتبه نحو نصف الليل وأيقظني وقال: يا أبتِ ما هذا النور الذي قد ملأ الدار فاستيقظ أهله ولم يروا شيئا، ً فعرفت أنها ليلة القدر"،هكذا إذن كانت نشأته منذ الصغر، وهكذا كانت رعاية الوالد الصالح لأبنه، وتستمر حياته بين كثرة التلاوة للقرآن الكريم والذكر لله سبحانه وتعالى كما ذكر ذلك الإمام اليونيني إذ قال:" كان كثير التلاوة للقرآن العزيز، والذكر لله تعالى معرضاً عن الدنيا مقبلاً على الآخرة من حال ترعرعه"،ويبقى هذا حاله قبل أن يشد الرحال إلى طلب العلم قاصداً مدينة دمشق.

خامساً: رحلاته:

لم يكن الإمام النووي (رحمه الله) كثير الترحال،كما هو شأن غيره من العلماء، بل كانت رحلاته محدودة جداً، والذي يهمنا من رحلاته هذه هي رحلته العلمية لأذكر من خلالها سيرته العطرة في طلبه وتَلَقيه العلم وحرصه على الوقت.

1ـ رحلته إلى دمشق:

في عام (649هـ) صحب الوالد ولده تلقاء مدينة العلم والعلماء في بلاد الشام مدينة دمشق، وكانت محج العلماء وطلبة العلم،ومن هنا بدأت رحتله العلمية، ثم سكن المدرسة الرواحية،وبقي فيها سنتين تقريباً، ثم شَمّرَ عن ساعد الجد في طلب العلم.

طريقة تلقيه العلم:

لما وصل إلى دمشق قصد الجامع الأموي ليلتقي هناك الشيخ خطيب وإمام الجامع الشيخ جمال الدين عبد الكافي الرَّبعي الدمشقي.قال السخاوي: "وما أن اجتمع إليه حتى عرَّفه مقصده، ورغبته في طلب العلم، فأخذه وتوجه به إلى حلقة مفتي الشام الشيخ تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم الفزاري (ت 690هـ) المعروف بابن الفركاح، فقرأ عليه دروساً وبقي يلازمه مدة". قال الذهبي: ذكر شيخنا أبو الحسن بن العطار: أن الشيخ محيي الدين ذكر له أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على مشايخه شرحاً وتصحيحا، درسين في الوسيط ودرساً في المهذب ودرساً في الجمع بين الصحيحين ودرساً في صحيح مسلم ودرساً في اللمع لابن جني ودرساً في إصلاح المنطق ودرساً في التصريف ودرساً في أصول الفقه ودرساً في أسماء الرجال ودرساً في أصول الدين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير