تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الشرك ومظاهره ص245 - 246)

[الإسراف والتبذير باسم الزردة والوعدة]

لو ضبطنا ما يُنفق بوطننا الجزائري على الزردات لهالنا الأمر واستهوتنا الأحزان إذ نرى التبذير الذي لا يحتمل في حين حاجتنا الشديدة إلى التعليم الحر وعجزنا ماليا عن سدّها.

وقد سألتُ ذات عام تُجّار الجلفة (1) عمّا خرج في زردة ((سيدي عبد العزيز الحاج)) وهي على أميال منهم. فذكروا لي في خصوص ما باعوه من زيت السيارات المعبّر عنه بالليصانص (2) مبلغا عظيما نسيته الآن، ولكنّه نحو المائة ألف فرنك.

هذا في خصوص الزيت وفي تلك المسافة القليلة، فانظر مبلغ ما اشترى من الزيت من غير الجلفة وما خرج في غيره من خمر ولهو ثمّ من لحم ودقيق وغير ذلك.

على أنّ هذه الزردة من متوسط الزردات، وأعلى منها زردة ((سيدي عابد)) من نواحي تيهرت (تيارت). (3)

إنّ ما يخرج في الزردات يُعدُّ بعشرات الملايين. وتصوّر ذلك يقف بك على الخسارة الفادحة التي لم تقف على الوجه المادي، بل تناولت ناحية الأخلاق والدّين، فاستفرغت الأيدي من المال والأدمغة من العقول والأفئدة من الدّين وقضت على الذرّية بالإهمال. فكانت خسارة إيجابية في الجهل والجمود والفقر والعصيان، وسلبية في العلم والتفكير والثروة والطاعة. فيا ليتها أبقت علينا ديننا فتمثّلنا بقول من مضى:

إذا أبقت الدنيا على المرء دينه **** فما فاته منها فليس بضائر.

(الشرك ومظاهره ص 260)

(1) من المدن الجزائرية

(2) كلمة فرنسية معرّبة بمعنى: البنزين.

(3) من المدن الجزائرية

الطيّب بن الحملاوي:

فمن الشائع عن الطيّب بن الحملاوي وهو أخو عبد الرحمن نسباً وأدبا ً أنّهُ أمَرَ صاحبة نزل بقسنطينة أن تُهيّئ لهُ غداء في رمضان.

فاستفهمتهُ المرأة وهي مسيحية (1) عن ذلك مُتعجّبة فأجابها قائلا: ((نحن نفرنو الدين على النّاس)).

وكلمة نفرنو فرنسية استعربت إلى العامية يُريدون منها معنى العطاء والتوزيع. والمقصود أنّ الدّين ملك لهم يُكلّفون به النّاس ولا يتكلّفون به.

ومن المعلوم عند الحنصالية وهي شُعبة من الشاذلية أنّ شيخهم سوّغ لهم الملاهي وتمتيع النّفس بما تشتهي.

وكم قائل من الطرقيين لمن رضيه من خدامه ((إذا تعرضتَ للنّار يتعرض لها فخذي))، وكم شيخ نقل عنه ضمان الجنّة لمن رآه ورأى من رآه إلى ثلاثة أجيال أو سبعة، ويوم النّظرة معروف عند التيجانية.

يوم النّظرة:

وهو أنّ الشيخ أحمد بن سالم (2) جمع أحبابه وهم مريدوه من صحراء وهران (3) وغيرها، ووقف –بعين ماضي مسقط رأسه قرب الأغواط- على ربوة ووضع على رأسه قطعة ذهبية كبيرة ليُرى. ثمّ نادى في جُموعه بضمان الجنّة لمن رآهُ إلى سبعة أجيال ...

(الشرك ومظاهرُه ص 297 - 298)

(1) هكذا في الأصل والأولى أن يُقال نصرانية والله أعلم.

(2) مؤسس الطريقة التيجانية الصوفية الكافرة الشقيّة.

(3) مدينة بالغرب الجزائري (عاصمة الغرب)

الحسين القشّي:

ومن الشائع عن الحسين القشي دفين قرية سيدي خليفة جنوب ميلة قوله: ((بالحُرَيَّم ابتاع سيدي ربي إلا فتّشت على الدجّال في السماء السابعة وما لقيته))، والحريم بفتح الراء وتشديد الياء تصغير الحرام يمين السفهاء.

ونسبته إلى الله اعتقاد بأنّ له صاحبةً تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. ونفيه لوجود الدجّال تكذيب بما ورد فيه عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، ورقيه للسماء ردّة كما في مختصر خليل وغيره، ومع ذلك فهو ولي مزور وذرّيته معظّمة وإن كان المعظّمون لهم قد يُعظّمون الكلاب تعظيمهم.

كلاب ابن الحملاوي:

فقد تواتر أنّ كلاب عبد الرحمن بن الحملاوي هامت ذات سنة في عدّة جهات فكان النّاس يُكرمونها بالذبائح والضيافات ولكنّهم يؤلونها بانتزاع شعورها تبرّكا وزلفى.

(الشرك ومظاهره ص299 - 300)

العربي بن حافظ:

ويدلُّ لتألّههم (أي رؤوس الطرق الصوفية) وتأليه النّاس لهم دلائل كثيرة حالية ومقالية. قال العربي بن حافظ: ((يا رب أنت اشبح ونا نشبح وما خايف إلا على جهتك)) وهو أحد مشاهير المرابطين معاصر للحسين القشي بقاف بدوية وشين مشددة، يسكن جنوب ميلة قرب العثمانية ولم يزل أحد أبنائه لصلبه حيا.

ومعنى اشبح: اضغط، ومراده إظهار التبرّم بالنّاس والتضجّر منهم، وأنّهم أهل لكل ضغط إلهي، وأنّه مشارك للإله في هذا الضغط قاس فيه، ولكن يخشى التخفيف من جانب الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير