تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما نسبته إلى الرقة أو إلى الحيرة، فهو أمر عادي في ذلك الوقت. فلربما انتقل عبيد إلى الرقة، ومنها إلى الحيرة؛ فاعتبره البعض من أهل الرقة، واعتبره الآخرون من أهل الحيرة.

وأعتقد أن في نسبته لأهل الحيرة ما يؤكد أن عبيد ربما اطلع من أهل الحيرة على بعض القصص والأساطير التي راجت في اليمن قبل الإسلام. ومن المعلوم أن الحيرة كانت مركزاً ثقافياً متقدماً في الجزيرة العربية عشية ظهور الإسلام، وذلك لكون المنطقة ملتقى تجارياً، وعاصمة للمناذرة.

إن المصادر المتوافرة لدينا لا تشير بشيء إلى حياته، وإنما ذكر أنه كان من المعمرين ([11] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn11)). إن الاختلاف في عمره، ومدة الزمن الذي عاشه عبيد لا يتناسب ومتوسط العمر الذي كان يعيشه العربي في تلك الفترة. وتكفي نظرة إلى خلفاء بني أمية لنرى أن متوسط أعمارهم لم يتجاوز الثلاثين عاماً؛ كما أن الرسول r قال:» أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك «([12] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn12)).

فهل كان عبيد شاذاً في هذه القاعدة ليذكر بأنه عاش ثلاثمائة سنة، وقيل عاش عشرين ومئتي سنة ([13] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn13)).

ويظهر لنا عدم الدقة في ذكر هذا الرقم من أن عبيداً لما التقى بمعاوية، سأله معاوية: كم أتى عليك؟ فقال عشرين ومئتي سنة. قال له: ومن أين علمت؟ قال: من كتاب الله. قال: ومن أي كتاب الله؟ قال: من قول الله تبارك وتعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم، ولتعلموا عدد السنين والحساب} ® ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn14) ([14] (http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn15)).

وفي رواية أخرى وردت في كتاب عبيد نصها:» ... قال له معاوية: كم أتى عليك من العمر يا عبيد؟ قال: كثير يا أمير المؤمنين، كفاك أنه لم يبق جرهمي غيري. أتى عليّ مائة سنة وخمسون «([15] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn16)). وفي "كتاب المعمرين" أنه قال:» مائتان وعشرون سنة «([16] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn17)). وإذا افترضنا أن مقابلة عبيد للخليفة معاوية لأول مرة قد تمت سنة 41 ـ 42 هـ بعد عام الجماعة، وأن وفاة عبيد كانت في خلافة عبد الملك بن مروان يحددها في سنة 67 هـ ([17] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn18)). فإذا أضفنا هذه المدة إلى عمره عندما التقى بمعاوية، فإنه يقل كثيراً عن العمر الذي ذكره السجستاني وتابعه عليه غيره من الذين كتبوا عن عبيد بن شرية.

إن إلصاق العمر الطويل لم يكن ـ في اعتقادي ـ إلا تبريراً للذين نقلوا رواياته، في محاولة لتأكيد أن عبيد بن شرية كان قريباً من الأحداث التي ذكرها في أخبار اليمن، وأن رواياته لا تقع في باب الأساطير، وإنما في باب الحقيقة على حد قولهم.

والمسألة الأخرى المتعلقة بعبيد بن شرية هي إسلامه. فقد ذكر ابن قتيبة أنه أدرك النبي r ولم يسمع منه شيئاً ([18] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn19)). أما ابن عساكر، فقد ذكر رواية مرفوعة لهشام بن محمد الكلبي أنه أدرك الإسلام، فأسلم، ولم يذكر أنه قابل الرسول r، أو أنه سمع منه شيئاً ([19] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn20)). وإلى مثل ذلك أشار ياقوت الحموي ([20] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn21)).

ومع أن ابن الأثير قد أورده مع أسماء الصحابة، فقد قال:» ليس فيه ما يدل على أن له صحبة، إلا أنه قد كان قبل النبي r وبعده، وقد أسلم، فلعله أسلم على عهد الرسول r. والله أعلم «([21] ( http://www.attarikh-alarabi.ma/Html/adad19partie6.htm#_ftn22)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير