تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال عبيد: هي سرة والأرض في فضلها، وأراد الله ذلك بها ([97]).

أسلوب عبيد ومنهجه:

من خلال الأخبار التي كونت "كتاب الملوك وأخبار الماضين"، نلاحظ أن عبيد امتاز بأسلوب قصصي يغلبه عليه طابع التسلية، وصاغ قصصه بخيال حاذق متمشياً في أسلوبه مع أسلوب القصص الشعبي السائد آنذاك والذي كان يروى في المجالس. فأسلوبه امتداد لتلك الحركة القصصية المعروفة بقصص الأيام. وجاءت قصصه بأسلوب بسيط واضح، ولكنه صاغها بقالب أدبي جذاب ([98]). فهو يطلق لخياله العنان في تصوير الوقائع وكأن الأحداث تجري أمام القارئ. ويلون الحوادث التاريخية بأطياف خيالية تخرج بها إلى حد الأسطورة. ولا غرابة في ذلك، فقد اعتمد الإسرائيليات مادته الأولى في سرد أخباره التي لا يتورع عن الإضافة إليها من جعبته ليسد الثغرات التي لم يجد عنها شيئاً، ويستند إلى تفسير القرآن أحياناً ([99]).

وتميل أخبار عبيد إلى الطول، وهذا يتمشى مع أسلوب القصة. ووفقاً للأسلوب الأدبي، ملاحظة الخيال الواسع في قصصه وأخباره، ويلاحظ عنايته بالشعر فقط؛ فكان يستشهد بالشعر كثيراً في ما يروي: فقد أورد شعراً منسوباً إلى عاد وثمود ولقمان وطسم وجديس والتبابعة ([100]). وهناك أمثلة أخرى عديدة ([101]). وأما الشعر الكثير الذي روي على أنه من نظم التبابعة وغيرهم، وفيه قصائد طويلة، فلا ندري أمن نظمه أم من نظم أشخاص آخرين قالوها على لسان من زعموا أنهم نظموها، أو أنها أضيفت فيما بعد إلى الكتاب ونسبت روايتها إلى عبيد ([102]). والشعر الذي جاء به عبيد يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام: قسم ضعيف ركيك، ليس من الشعر الحق في شيء، وهو موضوع على من نسب إليهم، وهو الغالب على الكتاب، ومن أمثلته ما ينسب لطسم بن لاوذ بن إرم حين انتقل من بابل إلى بلاد العرب ([103]). وقسم آخر أجود من السابق، ولكنه من الموضوعات أيضاً، ومن أمثلته ما ينسب لتبع ([104]). أما القسم الثالث، فأشعار تنسب إلى شعراء معروفين، مثل العباس بن مرداس، وأعشى بن وائل، وحسان بن ثابت، وأمية بن أبي الصلت، وامرئ القيس، وعبيد بن الأبرص، والنابغة الذبياني ([105]). وقد وجدت أكثر هذه الأشعار في دواوين أصحابها، وإن كانت قد تختلف في بعض الألفاظ والعبارات.

وهناك ظاهرة جديرة بالتسجيل في عداد حسنات عبيد، إذ نراه يُعْنَى في بعض الأحيان بإيراد جملة من الأشعار بعد سرده الأخبار التي يعالجها، كما فعل بعد تناوله أخبار عاد وثمود، وكان عبيد يشعر بأن هذا المنهج الأكمل ([106]). ومن أجل السمر أيضاً، عني عبيد ببعض القطع النثرية وجودها وهذَّبها، لتلفت النظر من باقي الأخبار، وتظهر هذه القطع أوضح ظهورها في بعض الأحاديث التي ينسبها عبيد لأبطال تاريخه، وفي بعض أوصافه للأجناس ([107]).

ومن خصائص أسلوب عبيد أنه متأثر بالقرآن الكريم محاولاً أن يتبع خطاه، وأنه يستند إلى آياته ويقتبس من ألفاظه ([108]). ويقصد من ذلك إثبات قصصه ومحاولة إضفاء الشرعية عليها، فيورد آيات عن العرب البائدة ([109]). ويعود عبيد إلى الآيات القرآنية لتفسير بعض الأحداث، وتأييد أخباره عن عاد وثمود إجابة على أسئلة معاوية ([110]). ويصرح حسين نصار فيقول:» وإن نحن لا نبعد كثيراً عن الصواب، إذا أعددنا كتاب عبيد مدونة تحوي الأخبار التاريخية، معالجة كما كان يعالجها الجاهليون، ولا تختلف عنهم إلا في اعتمادها على القرآن في قصص الأنبياء والشعوب التي تعرض لها القرآن «([111])، واعتمد عبيد بن شرية في القصص القرآنية على ابن عباس كثيراً ([112]). ويلاحظ أيضاً أن عبيد يستشهد بالحديث الشريف، وذلك بهدف إضفاء الصحة والمصداقية على أخباره ([113]). ويلاحظ عنايته بالأنساب، فيورد سلسلة ملوك اليمن وتواريخ سنيها ([114]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير