وللأسف فان هذا الكتاب مفقود كغيره من مؤلفات الطبني، ولولا كتب الحميدي وابن بشكوال وابن الأبار رحمهم الله الذين حفظوا لنا نصوصاً كثيرة مسندة عنه لما عرفنا شيئا من درر محدثنا الأديب الشاعر وما ساهم به من التعريف بتراجم وأعلام المغرب الإسلامي في عصره.
3 - تقييدات: كتبها بخطه وهي تشمل علوم الحديث الشريف والأدب واللغة والتراجم لو جمعت في مكان واحد لكان في ذلك من النفع الكبير ما لا يخفى.
- منها ما ذكره الدكتور فاروق حمادة في مقدمة " تحقيقه لكتاب "عمل اليوم والليلة " لأحمد بن شعيب النسائي (ت303هـ)، قال: " ... كما أنني وجدت مجلدين من المجتبى قديمين جدا كتبت عليها سماعات بين سنة 530 هـ و561 هـ فيها نص ظاهر أنها من تأليف النسائي
وقد جاء في صدر احدهما:
الجزء الحادي والعشرون من السنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تأليف أبي عبد الرحمن احمد بن شعيب بن بحر النسائي رواية أبي بكر احمد بن اسحق بن السني عنه، رواية القاضي أبي نصر احمد بن الحسن بن الكسار عنه، رواية الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن محمد الدوني عنه، رواية أبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري عنه، رواية الشيخ الإمام زين الدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن نجاد الحنبلي الواعظ
وفيها نص ظاهر على أنها من تأليف النسائي وابن السني مجرد رواية لها
وان كان احد المجلدين قد أكلت أكثره الأرضة فالأخر لا يزال أكثره صالحا واضحا بخط مشرقي جيد يحمل رقم 5637 بالخزانة الملكية بالرباط، وعلى ظهر هذه النسخة كتب بخط قديم قدمها:
" قال الطبني اخبرني أبو اسحق الحبال سأل سائل أبا عبد الرحمن ...
بعض الأمراء عن كتابه السنن أصحيح كله فقال لا قال فاكتب لنا الصحيح مجردا فصنع المجتبي (بالباء) من السنن الكبرى ترك كل حديث أورده في السنن ما تكلم في إسناده بالتعليل)
وهو ما يقوي القول بان المجتبى من تصنيف النسائي، لان أبو اسحق الحبال أعلم بالنسائي وبكتاب النسائي
وقوله أولى بالقبول من قول غيره – والله أعلم-.
- ذكر الحميدي في كتابه جذوة المقتبس: 1/ 55، هذا التقييد عن أبي مروان الطببني: " ... كان شيوخنا من أهل الأدب يتعالمون أن الحرف إذا كتب عليه بصح بصاد وحاء، أن ذلك علامة لصحة الحرف لئلا يتوهم متوهم عليه خللاً ولا نقصاً، فوضع حرف كامل على حرف صحيح، وإذا كان عليه صاد ممدودة دون حاء، كان علامة أن الحرف سقيم إذ وضع عليه حرف غير تام ليدل نقص الحرف على اختلال الحرف، ويسمى ذلك الحرف أيضا ضبة، أي إن الحرف مقفل بها، لا يتجه لقراءة، كما أن الضبة مقفل بها".
شعره:
يبدو من المقطوعات القليلة التي وصلتنا ومما وصف به في ترجماته من أنه كان من الشعراء المجيدين، الذين يملكون ناصية اللغة الشعرية وبأنه كان يتمتع بموهبة فطرية في نظم الشعر نماها بقراءاته الكثيرة ومخالطة الفصحاء، وقد رأينا كيف تأثر من رؤية كثرة الطلاب الذين حضروا مجلس إملائه حبا في الحديث الشريف وقد عبر عن ذلك الموقف ببيتين من الشعر يعدان قمة في صدق التعبير، وحلاوة البيان، وحسن اختيار الكلمات دون تكلف، وهما نابعان من إحساس وجداني عاطفي روحي مصدره حب الله سبحانه وتعالى والتعلق بحلاوة الحديث الشريف.
لقد ضاع شعر الطبني كما ضاعت مؤلفاته وآثاره ولولا بعض المقطوعات المبثوثة في كتب التراجم التي حافظت عليها ونقلتها لما عرفنا له نظما، وقد افرد ابن بسام فصلا في كتابه الذخيرة عنوانه ((جملة ما أخرجته من أِشعار بني الطبني)) ومما أورده قوله:" ووجدت في بعض التعاليق بخط بعض أدباء قرطبة قال: لما عدا أبو عامر أحمد بن محمد بن أبي عامر على الحذلمي في مجلسه وضربه ضرباً موجعاً وأقر بذلك أعين مطالبيه، قال أبو مروان الطبني فيه: [47]
شكرت للعامري ما صنعا ... ولم أقل للحذيلمي لعا
ليث عرين عدا لعزته ..... مفترساً في وجاره ضبعا
لا برحت كفه ممكنةً .... من الأماني فنعم ما صنعا
وددت لو كنت شاهداً لهما ... حتى ترى العين ذل من خضعا
إن طال منه سجوده فلقد ... طال لغير السجود ما ركعا"
كما حفظ لنا الإمام الحافظ الحميدي بعضا من شعره في ترجمته لأبي مروان الطبني، قال: " وشعره على طريقة العرب، ومن ذلك قوله: [48]
وضاعف ما بالقلب يوم رحيلهم ... على ما به منهم حنين الأباعر
¥