تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أن النبي ? لما نهى عن الوصال علل النهي بالمشقة، ومفهومه أنه لو لم يكن فيه مشقة لأذن به، ولم يذكر النبي ? لأصحابه أنكم إن واصلتم تركتم السحور وهو واجب عليكم، بل ذكر لهم المشقة فقط ولم يذكر لهم السحور، مما يدل على أن السحور سنة وليس بواجب.

لكن قد يعترض معترض فيقول: إن النبي ? لما نهى عن الوصال أوجب السحور لأنه أذن بالوصال حتى السحر مما يدل على أن السحور واجب؟! فنقول: هذا كلام غير صحيح واستدلال في غيره محله والصحيح أنه يؤخذ من هذا الدليل أن من واصل الصيام حتى السحر وجب عليه السحور لأنه لا ينفك وصاله إلا به لا أن السحور واجب بنفسه.- هذا على قول من يقول بتحريم الوصال إلى السحر-!

4 - [قبل ذكره يجب التنبيه على أمر وهو أن هذا الصارف الذي ذكرتُه إنما هو استنباط مني فلم أنقله عن أحد من أهل العلم ولم أطلع عليه عند أحد فيجب التنبه لذلك وإعادة النظر فيه] من الأمور التي قد تكون من الصوارف هو أن أكلة السحور كانت محرمةً على المسلمين في أول الإسلام ثم نزلت الآيات بالإذن بذلك كما جاء في البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد ? إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها أعندك طعام؟.قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه فجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي ? فنزلت هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}. ففرحوا بها فرحا شديدا ونزلت {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}.

فمن هذا يمكن أن نقول أن الأمر بالسحور جاء بعد الحظر والمنع والأمر بعد المنع والحظر يكون للإباحة أو الندب أو يكون لما كان عليه قبل المنع والحظر -على الأرجح- والسحور حكمه قبل المنع الإباحة، فيكون الأمر في هذه الحالة للإباحة أو الحث والتأكيد والندب. والله أعلم

*وأما حديث " أن النبي ? كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم" فغايته أنه فعل للنبي ?، وفعله ? يدل على الاستحباب لا غير كما هو معلوم.

الوجه الثالث: أنه جاء الأمر بإعفاء اللحية غير مقرون بالعلة كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ?:" أحفوا الشوارب وأوفوا (وفي رواية وأعفوا) اللحى "

وفي رواية " أن رسول الله ? أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى " أخرج روايته البخاري (5554) ومسلم (259).

وكما في حديث جابر:" كنا نؤمر أن نوفي السبال، ونأخذ من الشارب" (مصنف ابن أبي شيبة 5/ 25504).

الوجه الرابع: أن الأمور السابقة كصبغ الشيب ولبس النعال وأكلة السحور وغيرها كلها طلب فعل أما إعفاء اللحية فطلب ترك وطلب الترك آكد من طلب الفعل لقول النبي ? "فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" متفق عليه.

الوجه الخامس: أن النهي عن حلق اللحية ليس لعلة المخالفة فقط بل لما فيه من تغيير خلق والتشبه بالنساء والمثلة.

*************************

الإشكال الثالث: أن قص الشارب عند الجماهير سنة - بل إن بعضهم نقل الإجماع على سنيته - وهو مقترن مع إعفاء اللحية بنفس العلة والنص فيلزم أن يأخذ الإعفاء نفس حكم قص الشارب وهو السنية .. !! [هذا الإشكال داخل فيما قبله لكن أفردته لأهميته!!]

والجواب من وجوه:

الوجه الأول: أن قص الشارب فيه خلاف فقد صح عن زيد بن الأرقم رضي الله عنه أن النبي ? قال:" من لم يأخذ من شاربه فليس منا "

وجاء توقيت هذا الأخذ في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه:

" وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة " فالأخذ من الشارب واجب بنص الحديث الأول، وبدلاله الحديث الثاني، وقوله: " وليس منا " لا يحتمل إلا وجوب الأخذ ولذلك قال العلامة ابن مفلح في الفروع (1/ 100):" وهذه الصيغة تقتضي عند أصحابنا التحريم "

وقال أيضا (1/ 100):" وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض" ا. هـ

وبنحوه ما جاء عن ابن عبد البر فقد قال في التمهيد (21/ 62):" وقد أجمعوا أنه لابد للمسلم من قص شاربه أو حلقه "

وقال ابن حزم في المحلى (2/ 218):" وأما قص الشارب ففرض"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير