ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 06:13 م]ـ
675 - وَعَنِ اِبْنِ عباس رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: {رُخِّصَ لِلشَّيْخِ اَلْكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ, وَيُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا, وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ} رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْحَاكِمُ, وَصَحَّحَاهُ.
هذا الخبر -عن ابن عباس- رخص للشيخ الكبير أن يطعم ولا قضاء عليه، كما رواه الدارقطني والحاكم. وقال الدارقطني: إن إسناده صحيح، والأثر جاء عن ابن عباس بأسانيد عدة وكثيرة، وبعضها إسنادها صحيح، والخبر رواه البخاري عن عطاء: سمع ابن عباس يقرأ: {وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين}. قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا
وكان المصنف -رحمه الله- ذكر هذه الرواية؛ لأنه فيها تصريح بعدم القضاء، ورواية البخاري فيها ذكر الفطر وذكر الكفارة، واختلف في قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)
وهل هي منسوخة أو غير منسوخة؟.
ابن عباس رضي الله عنه قال: ليست منسوخة، وسلمة بن الأكوع رضي الله عنه وجماعة قالوا: إنها منسوخة، وجاء في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: نزل رمضان، فشق عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه، ورخص لهم في ذلك، فنسختها: {وأن تصوموا خير لكم}. فأمروا بالصوم.
ولا منافاة بين القولين فهي نُسخت على العموم وبقي حكمها في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة؛
لأنهم كانوا في أول الأمر يخيرون بين الصوم أو الفطر والإطعام، أول ما فُرض الصيام؛ لأنه فرض على مراحل، فمن مراحله أنه مخير أن يصوم، وأن يفطر، وأن يطعم عن كل يوم مسكينا أو أن يزيد: (فمن تطوع خيراً فهو خير له) ثم بعد ذلك نسخ وحتم أمر الصيام ووجب الصيام: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وكذلك المريض الذي لا يُرجى برؤه فهؤلاء عليهم الفطر، ومع الفطر الكفارة، عن كل يوم يطعم مسكيناً.
فقد كان أنس رضي الله عنه كما ثبت عنه في الصحيح عجز وضعف عن الصيام في آخر حياته بعام أو بعامين؛ لأنه عمّره رضي الله عنه قارب المائة، وقيل: إنه تجاوزها، توفي سنة ثلاث وتسعين. اختلف في وفاته من تسع وثمانين إلى ثلاث وتسعين والأكثر على سنة ثلاث وتسعين.
وكذلك اختلف في سنه من تسع وتسعين إلى مائة وثلاثة، فأطعم في آخر حياته رضي الله عنه مدة سنة أو سنتين، كان يجمعهم ويطعمهم، وهكذا السنة، لمن لا يستطع الصوم لكبر أو مرض مستمر، أن يفطر ويطعم كما ذكره المصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[31 - 08 - 06, 06:24 م]ـ
676 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: {جَاءَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ. قَالَ: " وَمَا أَهْلَكَكَ ? " قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى اِمْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: " هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً? " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ? " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا? " قَالَ: لَا, ثُمَّ جَلَسَ, فَأُتِي اَلنَّبِيُّ r بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: " تَصَدَّقْ بِهَذَا ", فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا? فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا, فَضَحِكَ اَلنَّبِيُّ r حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ "} رَوَاهُ اَلسَّبْعَةُ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
وهذا الخبر ثبت معناه من حديث عائشة في الصحيحين، لكن حديث أبي هريرة محكم وواضح وبين في ترتيبه، وفيه أنه قال: هلكت، يعني من جهة أنه واقع أهله وهو أمر محرم، وفي لفظ آخر، جاء عند الحاكم لفظ: , هلكت وأهلكت -
واختلف في صحة هذه الرواية وألّف بعضهم في إبطالها وذكر بعض الأئمة جزءا في أبطالها، واستدلوا بأن قوله: "أهلكت" أنه كان متعمدا، وأن أهله أيضًا كانوا موافقين له، وأنهم راضون بهذا الفعل.
¥