16 - ونظير الشهر والسنة اليوم والأسبوع، فإن اليوم طبيعي من طلوع الشمس إلى غروبها، وأما الأسبوع فهو عددي من أجل الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض، ثم استوي على العرش، فوقع التعديل بين الشمس والقمر باليوم، والأسبوع بسير الشمس، والشهر والسنة بسير القمر، وبهما يتم الحساب، وبهذا قد يتوجه قوله: {لِتَعْلَمُواْ} إلى {جَعَلَ} فيكون جعل الشمس والقمر لهذا كله. (25/ 142)
17 - الرواية المفسرة تبين أن سائر روايات ابن عمر التي فيها الشهر تسع وعشرون عني بها أحد شيئين: إما أن الشهر قد يكون تسعة وعشرين ردًا على من يتهم أن الشهر المطلق هو ثلاثون، كما توهم من توهم من المتقدمين، وتبعهم على ذلك بعض الفقهاء في الشهر العددي، فيجعلونه ثلاثين يومًا
بكل حال، وعارضهم قوم فقالوا: الشهر تسعة وعشرون، واليوم الآخر زيادة، وهذا المعني هو الذي صرح به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا، والشهر هكذا، وهكذا) يعني: مرة ثلاثين، ومرة تسعة وعشرين، فمن جزم بكونه ثلاثين، أو تسعة وعشرين، فقد أخطأ.
والمعني الثاني: أن يكون أراد أن عدد الشهر اللازم الدائم هو تسعة وعشرون، فأما الزائد فأمر جائز يكون في بعض الشهور، ولا يكون في بعضها.
والمقصود أن التسعة والعشرين يجب عددها واعتبارها بكل حال في كل وقت، فلا يشرع الصوم بحال حتى يمضي تسعة وعشرون من شعبان، ولابد أن يصام في رمضان تسعة وعشرون؛ لا يصام أقل منها بحال، وهذا المعني هو الذي يفسر به رواية أيوب عن نافع: (إنما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه) أي: إنما الشهر اللازم الدائم الواجب تسعة وعشرون. ولا يمكن أن يفسر هذا اللفظ بالمعني الأول؛ لما فيه من الحصر. (25/ 152)
18 - قال حنبل بن إسحاق: حدثني أبو عبدالله، حدثنا يحيي ابن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن، قال أبو عبدالله: قلت ليحيي: الذين يقولون الملائي، قال: نعم، عن الوليد بن عقبة قال: صمنا على عهد على ـ رضي الله عنه ـ ثمان وعشرين، فأمرنا على أن نتمها يومًا. أبو عبدالله ـ رحمةالله عليه ـ يقول: العمل على هذا الشهر؛ لأن هكذا وهكذا تسعة وعشرون، فمن صام هذا الصوم قضي يومًا، ولا كفارة عليه. (25/ 155)
19 - ومن كلام العرب وغيرهم أنهم ينفون الشيء في صيغ الحصر أو غيرها، تارة لانتفاء ذاته، وتارة لانتفاء فائدته ومقصوده، ويحصرون الشيء في غيره، تارة لانحصار جميع الجنس منه، وتارة لانحصار المفيد أو الكامل فيه، ثم إنهم تارة يعيدون النفي إلى المسمى، وتارة يعيدون النفي إلى الاسم، وإن كان ثابتًا في اللغة إذا كان المقصود الحقيقي بالاسم منتفيا عنه ثابتًا لغيره، كقوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إليكُم مِّن رَّبِّكُمْ} [المائدة: 68]، فنفي عنهم مسمي الشيء، مع أنه في الأصل شامل لكل موجود من حق وباطل؛ لما كان ما لا يفيد ولا منفعة فيه يؤول إلى الباطل الذي هو العدم، فيصير بمنزلة المعدوم، بل ما كان المقصود منه إذا لم يحصل مقصوده؛ كان أولى بأن يكون معدومًا من المعدوم المستمر عدمه؛ لأنه قد يكون فيه ضرر. (25/ 156)
20 - ويقال ـ أيضًا ـ لمن خرج عن موجب الإنسانية في الأخلاق ونحوها: هذا ليس بآدمي، ولا إنسان، ما فيه إنسانية ولا مروءة، هذا حمار، أو كلب، كما يقال ذلك لمن اتصف بما هو فوقه من حدود الإنسانية، كما قلن ليوسف: {مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف: 31]. (25/ 156)
ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[18 - 09 - 06, 05:31 م]ـ
21 - وإنما الأمي هو في الأصل: منسوب إلى الأمة، التي هي جنس الأميين، وهو من لم يتميز عن الجنس بالعلم المختص، من قراءة أو كتابة كما يقال: عامي لمن كان من العامة، غير متميز عنهم بما يختص به غيرهم من علوم، وقد قيل: إنه نسبة إلى الأم، أي: هو الباقي على ما عودته أمه من المعرفة والعلم، ونحو ذلك. (25/ 167)
22 - فهذه الأمية منها ما هو ترك واجب يعاقب الرجل عليه، إذا قدر على التعلم فتركه.
¥