ـ[علي بن حسين فقيهي]ــــــــ[19 - 09 - 06, 05:23 م]ـ
41 - إسحاق بن راهويه ـ وهو قرين أحمد بن حنبل ـ ويوافقه في المذهب: أصوله وفروعه، وقولهما كثيرًا ما يجمع بينه. والكَوْسَج سأل مسائله لأحمد وإسحاق، وكذلك حرب الكرماني سأل مسائله لأحمد وإسحاق، وكذلك غيرهما؛ ولهذا يجمع الترمذي قول أحمد وإسحاق، فإنه روي قولهما من مسائل الكوسج.
وكذلك أبو زرعة وأبو حاتم وابن قتيبة وغير هؤلاء ـ من أئمة السلف والسنة والحديث، وكانوا يتفقهون على مذهب أحمد وإسحاق ـ يقدمون قولهما على أقوال غيرهما، وأئمة الحديث كالبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم هم أيضًا ـ من أتباعهما وممن يأخذ العلم والفقه عنهما، وداود من أصحاب إسحاق.
وقد كان أحمد بن حنبل إذا سئل عن إسحاق يقول: أنا أُسْأَلُ عن إسحاق؟ إسحاق يسأل عني.
والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ومحمد بن نصر المروزي وداود ابن على ونحو هؤلاء كلهم فقهاء الحديث ـ رضي الله عنهم أجمعين. (25/ 232)
42 - وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم، فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم من فطر بالجميع لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لم يفطر بالكحل ولا بالتقطير ويفطر بما سوي ذلك.
والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك؛ (25/ 233)
43 - قال النبي صلىالله عليه وسلم: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين) فإن مجاري الشياطين الذي هو الدم ضاقت، وإذا ضاقت انبعثت القلوب إلى فعل الخيرات التي بها تفتح أبواب الجنة، وإلى ترك المنكرات التي بها تفتح أبواب النار، وصفدت الشياطين، فضعفت قوتهم وعملهم بتصفيدهم، فلم يستطيعوا أن يفعلوا في شهر رمضان ما كانوا يفعلونه في غيره، ولم يقل: إنهم قتلوا ولا ماتوا، بل قال: [صفدت] والمصفد من الشياطين قد يؤذى، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون في غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملاً دفع الشيطان دفعًا لا يدفعه دفع الصوم الناقص (25/ 246)
44 - العلماء متنازعون في الحجامة: هل تفطر الصائم أم لا؟ والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أفطر الحاجم والمحجوم) كثيرة قد بينها الأئمة الحفاظ.
وقد كره غير واحد من الصحابة الحجامة للصائم، وكان منهم من لا يحتجم إلا بالليل. وكان أهل البصرة إذا دخل شهر رمضان أغلقوا حوانيت الحجامين. والقول بأن الحجامة تفطر مذهب أكثر فقهاء الحديث ـ كأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وابن خزيمة، وابن المنذر وغيرهم.
وأهل الحديث الفقهاء فيه العاملون به أخص الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم. والذين لم يروا إفطار المحجوم احتجوا بما ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم، وأحمد وغيره طعنوا في هذه الزيادة، وهي قوله: [وهو صائم]، وقالوا: الثابت أنه احتجم وهو محرم، قال أحمد: قال يحيى بن سعيد: قال شعبة: لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة للصائم، يعنى حديث شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم.
قال مهنا: سألت أحمد عن حديث حبيب بن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم، فقال: ليس بصحيح. وقد أنكره يحيى ابن سعيد الأنصارى. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله رد هذا الحديث فضعفه، وقال: كانت كتب الأنصاري ذهبت في أيام المنتصر، فكان بعد يحدث من كتب غلامه، وكان هذا من تلك. (25/ 253)
45 - وسئل عن رجل باشر زوجته، وهو يسمع المتسحر يتكلم، فلا يدري: أهو يتسحر؟ أم يؤذن؟ ثم غلب على ظنه أنه يتسحر، فوطئها، وبعد يسير أضاء الصبح، فما الذي يجب عليه؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب:
هذه المسألة للعلماء فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: عليه القضاء، والكفارة، هذا إحدى الروايتين عن أحمد.
وقال مالك: عليه القضاء لا غير، وهذه الرواية الأخرى عنه، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما.
¥