وقد ذهب الأقلون إلي كراهته، وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي: وهذا من الخلاف الذي لا يجوز العمل به، وليت شعري لو كان فيه نص صريح بالجواز، أكان ذو همةٍ يرضاه لنفسه؟؟!!.
* وإليك أخي الحبيب الأدلة القاطعة اليقينية علي حرمة الاستمناء:
1 - قال الله تعالي:"وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ" أمر الله سبحانه وتعالي في هذه الأية بالإستعفاف وترك ما ينافيه، والأمر للوجوب لمن لا يستطيع النكاح.
نطرح هنا سؤالاً:
هل العادة السرية من الإستعفاف المأمور به في الآية أم لا؟؟
فإن قيل: لا ليست من الإستعفاف، إذًا فاجتنابها واجب لأن الله أمر بالإستعفاف واجتناب ما ينافيه، وظاهر القرآن لا يجوز العدول عنه إلا لدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه، أما القياس المخالف له فهو فاسد الإعتبار.
وإن قيل: نعم هو من الإستعفاف المأمور به!! فيلزم القول بوجوبه لمن لا قدرة له علي النكاح!! والقول بهذا حَدثٌ في الدين وخرقٌ لإجماع المسلمين. فليُتَأمل.
الله عز وجل أمر بالإستعفاف لمن لا يستطيع النكاح ولم يجعل بينما أي واسطة، والمقام مُقام بيان، (والسكوت في معرض البيان يقتضي الحصر) بدليل قوله تعالي:"وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا" فاقتضي الأمر تحريم الاستمناء، ولو كان مُباحًا لبينه الله في هذه الآية.
2 - قال الله تعالي:" قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... " تأمل كيف أمر الله بحفظ الفرج مُطلقًا،أما البصر فقال:"مِنْ أَبْصَارِهِمْ" و "مِنْ أَبْصَارِهِنَّ" أتي بأداة (من) الدالة علي التبعيض؛ فإنه يجوز النظر في بعض الحالات لحاجة كنظر الشاهد والخاطب ومثل ذلك. أما الفرج " وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ "
و "وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ" مطلقًا. فتدبر ... .
3 - قال سبحانه وتعالي في سياق مدحه للمؤمنين:"وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"
أمر الله تعالي بحفظ الفرج مطلقًا ولم يستثن من ذلك البتة إلا النوعين المذكورين في قوله " إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ " فصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج عن الزوجة والمملوكة فقط، ثم قد جاء بصيغة عامة شاملة لغير النوعين المذكورين دالة علي المنع هي قوله" فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ" وهذا العموم لا شك أنه يتناوله بظاهرة ناكح يده، وكما ذكرنا أن عموم القرآن لا يجوز العدول عنه إلا لدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه، أما القياس المخالف له فهو فاسد الإعتبار.
والعادون: هم الذين تعدوا حدود الله كما قال تعالي:"وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" أي تعدوا ما أحل الله إلي ما حرم.
أخي الحبيب: الحذر الحذر من فساد التأويل، فإن الله تعالي لا يُخادع، ولا يُنال ما عنده بمعصيته، ولا يُنال إلا بطاعته.
4 - قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ".
قال الحافظ ابن حجر في سياق تعليقه علي هذا الحديث: واستدل به بعض المالكية علي تحريم الاستمناء، لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلي الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحًا لكان الإرشاد إليه أسهل.
قال ابن القيم رحمه الله: والصحيح عندي أنه لا يُباح لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أرشد صاحب الشهوة إذا عجز عن الزواج إلي الصوم، ولو كان هناك معنى غيره لذكره.
¥