تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأصح جواز ذلك مع الكراهة دون تحريم، وبه جزم أئمة، ومنهم الموفق ابن قدامة رحمه الله في: "الكافي" (2/ 75) بقوله: ((ويكره الجلوس لها ـ أي: التعزية ـ؛ لأنه محدث)) أ. هـ. وكذا ابن قيم الجوزية رحمه الله، كما يفيده ظاهر قوله في: "زاد المعاد" (1/ 527)، حيث قال: ((وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء، ويقرأ له القرآن، لا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة)) أ. هـ.

ودليل الكراهة شيئان:

? أولهما: الخبر. وذلك ما أخرجه أحمد في: "المسند" (برقم:6905) وابن ماجه في: "السنن" (1/ 490) من حديث جرير بن عبد الله البَجَلي رضي الله عنه أنه قال: ((كُنَّا نَعُدّ (وفي رواية: نرى) الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دَفْنه: من النياحة)). قال السندي رحمه الله ـ كما في: "عون المعبود" (8/ 282) ـ: ((قوله: (كنا نرى) هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة رضي الله عنهم، أو تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجة)) أ. هـ.

والخبر صححه النووي رحمه الله في: "المجموع" (5/ 320)، وقال السندي ـ كما في: "عون المعبود" (8/ 282) ـ: ((وهذا الحديث سنده صحيح ورجاله على شرط مسلم)) أ. هـ. وقال الشوكاني رحمه الله في: "نيل الأوطار " (2/ 791): ((وحديث جرير: أخرجه أيضاً ابن ماجه، وإسناده صحيح)) أ. هـ. وقال البوصيري رحمه الله في: "الزوائد" ـ كما في: "سنن ابن ماجه" (1/ 514) تعليق: عبد الباقي ـ: ((إسناده صحيح. رجال الطريق الأول على شرط البخاري. والثاني على شرط مسلم)) أ. هـ لوجوده من طريقين عند ابن ماجه.

? والثاني: النظر. وذلك أن الاجتماع عند أهل الميت يُهَيِّج على الحزن، قال ابن عقيل رحمه الله كما في: "الشرح الكبير" (6/ 272) لابن أبي عمر رحمه الله: ((يُكره الاجتماع بعد خروج الروح؛ لأن فيه تَهْييجاً للحَزَن)) أ. هـ.

وقال ابن عَلاَّن رحمه الله في: "الفتوحات الربانية" (2/ 142): ((ولأنه يُجَدِّد الحزن، ويُكلِّف المُعَزَّى)) أ. هـ.

وَصْلٌ: خبر جرير البجلي رضي الله عنه وإن كان ظاهره يفيد التحريم كما قاله القاري رحمه الله في: "مرقاة المفاتِيح" (4/ 96) إلا أن غاية المحفوظ عن الفقهاء: حَمْله على الكراهة، مع حكم جمهورهم على الجلوس للعزاء بأنه بدعة، وهو مشهور، ومن ذلك قول ابن عَلاَّن في: "الفتوحات الربانية" (2/ 144): ((قوله ـ أي: النووي ـ: (يكره الجلوس للتعزية) قالوا ـ أي: الشافعية ـ: لأنه مُحدَث، وهو بدعة)) أ. هـ المراد. وقال المُنَجَّى التَّنُوْخِي رحمه الله في: "المُمْتِع في شرح المقنع" (2/ 73): ((وأما كون الجلوس لها يكره: فلأنه مُحْدَث، مع ما فيه من تهييج الحزن)) أ. هـ. وكذا ذُكِر في كتب البدع، كـ "الأمر بالاتباع" (ص/288) للسيوطي رحمه الله، و"إصلاح المساجد" (ص/163) للقاسمي رحمه الله.

فائدة:ـ

قال النووي رحمه الله في: "المجموع" (5/ 279) بعد ذكره للمسألة: ((وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قَتْلُ ابن حارثة وجعفر وابن رواحة رضي الله عنهم جلس يعرف فيه الحزن، وأنا أنظر من شق الباب، فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر ـ وذكر بكائهن ـ فأمره أن ينهاهن) رواه البخاري ومسلم)) أ. هـ. إلا أن ابن عَلاَّن في: "الفتوحات" (3/ 142) قال: ((وما ثبت عن عائشة من أنه صلى الله عليه وسلم لما جاء خبر قتل زيد بن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس في المسجد يعرف في وجهه الحزن ـ فلا نُسَلِّم أن جلوسه كان لأجل أن يأتوه الناس فيعزوه، فلم يثبت ما يدل عليه" أ. هـ.

فائدة:ـ

اختار المَجْد أبو البركات رحمه الله: جواز اجتماع أهل الميت دون غيرهم، وهي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله كما في: "الإنصاف" (6/ 272ـ273)، وفيه قال المرداوي رحمه الله: ((وعنه ـ أي: أحمد ـ: الرخصة لأهل الميت ولغيرهم؛ خوفَ شدة الجزع. وقال الإمام أحمد: أما والميت عندهم: فأكرهه. وقال الآجري: يأثم إن لم يمنع أهله. وقال في: "الفصول": يُكره الاجتماع بعد خروج الروح؛ لأن فيه تهييجاً للحزن)) أ. هـ.

تنيبه:ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير