تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالمسلك الأول: وهو الجمع بأن يكون كلاً من (نجد) و (العراق) مقصودان في الحديث فهنا تدخل فيه (نجد) وهو خلاف مقصودهم وبه يطيش سهمهم وهذا هو البغية فيسقط الكلام معهم.

والقول بمسلك الجمع مع ذلك بعيد لسببين:

1 - تباين لفظ (العراق) و (نجد) في اللغة والعرف.

2 - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دعا لأهل الشام واليمن ذكر له الصحابة نجداً على رواية البخاري وغيره، أو العراق على رواية أحمد والطبراني وغيرهما، فالحادثة واحدة واللفظان متعارضان فلا وجه للجمع، لأنه يبعد أن كرر النبي –صلى الله عليه وسلم- مثل هذا الكلام فذكر له الصحابة في كل مرة بلداً فلا بد من تقديم أحدهما على الآخر.

والمسلك الثاني: وهو الترجيح -وهو اللازم المتعين- فتقديم لفظ نجد على لفظ العراق لابد منه لأدلة منها:

1 - لا يعارض لفظ الصحيحن شيء إلا قدم عليه لفظ الصحيحن كما هو معلوم في مصطلح الحديث، ولأن الأمة تلقتهما بالقبول.

2 - صنيع البخاري ومسلم في تجنب الرواية التي جاءت بلفظ العراق صريح في تقديمهم للفظ الأول، وهذا واضح لأن لفظ العراق جاء في مسند أحمد وهو شيخ البخاري، فالبخاري تجنب الرواية بلفظ العراق التي رواها شيخه أحمد هاهنا وقدم التي بلفظ نجد، لأنه يراها أصح وحسبك به مرجحاً.

3 - ثم إن لفظ (العراق) من سالم ولفظ (نجد) من نافع، قال المزي فيما اختلف فيه نافع وسالم عن ابن عمر بعد أن قال إن سالم أجل من نافع قال: لكن نافعاً أولى بالصواب.

تنبيه

تصحيح الهيثمي الذي قد يذكره المخالف إنما هو لرجال السند، فقوله (رجاله ثقات) كما هو معلوم لا يفيد لا الاتصال ولا السلامة من شذوذ أو علة.

ومع هذا فنحن نُسَلِّم بصحة السند إلى سالم فليكن صحيحاً ثم ماذا؟ هذا لا يفيدهم البته في الحِجَاج.

وعلى هذا مسلك الترجيح أيضاً يُرجح لفظ (نجد)، فلفظ الصحيحن مُقَدَّم لا يُنَاقش في هذا إلا جاهل أو مكابر، وبه تسقط الحُجة الأولى لمن صَرَفَ اللفظ عن نجد.

المَطْلَبُ السَادِس

في الرَّد على الحُجَّةِ الثَانِيَةِ

أما احتجاجهم بقول الخطابي والداودي مما لا ينفعهم البته.

أما الداودي فتبع الخطابي ونَقَلَ عَنْهُ، ويأتيك أنه بئس ما نقل.

ومن العجائب أن الأستاذ عبد الرحمن دمشقيه-رعاه الله- وهو ممن تصدر لدفع اللفظ عن نجد في موسوعة أهل السنة قال أن الحافظ هنا ينص على أن المقصود هو العراق!!! وهذه إن أعملنا حسن الظن جهالة.

وهذا هو نص الحافظ قال -رحمه الله تعالى-: (وبهذا عرف الداوودي أن نجداً من ناحية العراق فإنه توهم أن نجداً مكان مخصوص وليس كذلك بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يلية يسمى المرتفع نجداً والمنخفظ غوراً).

أولاً: هنا الحافظ يرد على توهم الداوودي وبه يرد على مأخذ الداوودي وهو الخطابي -رحمه الله تعالى- فالحافظ ينفي أن المقصود العراق ويقول إنه يتناول ما ارتفع من الأرض.

ثانياً: الحافظ يرى أن نجد هنا يصدق على كل ما يتناوله لفظ نجد لغة لذا قال: (بل كل شيء ارتفع بالنسبة إلى ما يلية يسمى المرتفع نجداً والمنخفظ غوراً) فحاصل كلام الحافظ أن تخصيص نجد المعروفة وحدها لا يراه الحافظ إنما يرى أن الحديث في كل ما يصح عليه لفظ نجد لغة.

فهل العراق مما ارتفع من الأرض وهل تدخل في نجد لغة؟

يتولى الإجابة ابن الأعرابي -رحمه الله تعالى-وهو من أساطين العلم يقول عن سبب تسمية العراق عراقاً: (سمي العراق عراقاً لأنه سفل عن نجد ودنا من البحر) فلا هو يتناول العراق بتاتاً.

ثالثا: نقول: رحم الله الحافظ ونفعنا بحبه لا أدري لماذا لم يذكر لنا وجه قوله هذا، وهو حمل نجد على معناها اللغوي دون العرفي، مع أنه مقرر أنه إذا غلب العرف قدم على اللغة. ومع ذلك فأنت ترى أن هذا لا ينفع المخالف أيضاً لأن نجد عرفاً أيضاً تدخل في نجد لغة.

رابعاً: نرى الحديث يصف قرن الشيطان بأنها نجد، وأنها بشرق المدينة، فلله المخالف كيف يذهل على أنها ظاهرة ظهوراً واضحاً جلياً، بل هي نص في نجد المعروفة، فهي نجد في العرف واللغة، وهي شرق المدينة، وكلام ابن حجر يدل على رفض كلام الخطابي في وضعه الحديث على العراق، فبما يتعلقون؟!.

الخامس: فبعد كلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- إليك بعض كلام أهل العلم في هذا الموضوع:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير