1 - نقل ابن حبان عن الحافظ أبي حاتم-رحمه الله تعالى- على أن قرن الشيطان خرج منها مسيلمة.
فأي أرض خرج منها مسيلمة سوى نجدنا التي هي وسط الجزيرة العربية.
2 - قال الإمام الباجي المالكي-رضي الله تعالى عنه- في شرح ((رأس الكفر في قرن الشيطان)) في المُوطأ للإمام –قدس الله روحه- وليس فيه لفظ نجد: (ويحتمل انه يريد به أهل نجد فقد روي عنه -صلى الله عليه وسلم- ويؤيد هذا التأويل قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((والفخر والخيلاء في أهل الخيل والأبل والفدادين وأهل الوبر)) وهؤلاء كانوا أهل نجد) ا. هـ.
3 - قال الحافظ الإمام القاضي عياض المالكي-رضي الله تعالى عنه-: معلقاً على حديث ((ألا إن الإيمان هاهنا وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الأبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر)).
قال عياض -رحمه الله تعالى-: (وذكر عن الأصمعي يقال للرجل إذا كان جافي الكلام إنه لفداد).
وقال القاضي عياض –رحمه الله تعالى- أيضاً: (والفدادون إذن الذين عنى النبي –صلى الله عليه وسلم- بهذا الحديث ووصفهم بهذه الأوصاف من الجفاء والقسوة وغلظ القلوب والفخر والخيلاء هم كما فسرهم في الحديث أهل نجد وأهل الخيل والإبل والوبر ومن ربيعة ومضر).
وقال -رحمه الله تعالى-: (وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيهم ((من حيث يطلع قرنا الشيطان ورأس الكفر قبل المشرق)) إشارة إلى ما نبه عليه من أهل نجد وربيعة ومضر لأنهم الذين عاندوا النبوة وقسوا عن إجابة الحق وقبول الدعوة وهم بالصفة التي وصف أهل خيل وإبل وأصحاب وبر، ونجد شرق المدينة).
وفي هذا غُنْيَةٌ -إن شاء الله تعالى-حتى لا أخرج على الشرط.
المَطْلَب السَابِع
في الرَّدِ على الحُجة الثالثةِ
أما ما قاله سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب–رضي الله عنهم-: (يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة، سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الفتنة تأتي من هاهنا وأومأ بيده إلى المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان)) وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض، وإنما قَتَلَ موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ فقال الله عز وجل له: ?وقتلت نفساً فنجيناك من الغم وفتناك فتونا?).
هنا أمور مهمة:
أولاً: هذه نصيحة لأهل العراق بالابتعاد عن الفتنة كونهم قبل المشرق من حيث العموم حيث صار بعضهم يضرب رقاب بعض ذاك الزمن.
ثانياً: ليس في الحديث أنه قال أنتم قرن الشيطان وأنتم المقصودون بالحديث وإلا لكان قال لهم رأيت فيكم حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو نحوها من الألفاظ التي تشير أن الحديث فيهم بل مقصود سالم الذي يظهر من اللفظ هو النصح والابتعاد عن الفتنة كونهم قد يدخلون تبعاً في أهل المشرق وهذا من نصحه لهم فلم يصرح بلفظ نجد حتى لا يقولوا نحن بعيدون عن هذا الحديث فهو في معرض النصيحة.
ثالثاً: لو سلمنا جدلاً أنه فهم أن المقصود أهل العراق فلقد سبق أن قوله معارض لرواية نافع، وقول نافع كما سبق مقدم عليه، ولا يمكن إدخال العراق في نجد، بل هي تدخل في لفظ أهل المشرق نعم ولكن قوله أهل المشرق مشروح بقوله نجد، فهذه تخصيص للفظ المشرق.
رابعاً: ثم لو سلمنا جدلاً، وأغمضنا أعيننا، ونسينا كل الحجج السابقة، فكون سالم قال: (وأومأ بيده إلى المشرق) ما الذي أخرج نجداً!!!، ولإِنْ قال سالم هذا لأهل العراق فليس في كلام سالم أنكم يا أهل نجد لا يتناولكم الحديث فتأمل.
خامساً: ذكر حديث مسلم أنهم ربيعة ومضر، وإنما منازل ربيعة ومضر في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي نجد وسط الجزيرة كما هو معلوم ومشهور، وأقل نظرة في الكتب التي تعرض لأخبار القبائل العربية تتحق من ذلك عياناً.
سادساً: ذكر حديث مسلم أنهم أهل الأبل، ونجد هي التي ينطبق عليها هذا الوصف، كون أهلها أهل الإبل وهي السمةُ العامة على أهل البلد، فهم أهل أبل أكثر من أي شيء آخر كما هو معلوم حتى الآن في هذا العصر، أما أهل العراق فالأغلب عليهم أنه أهل زرع وصفق في الأسواق وهذا واضحٌ جَلِي -إن شاء الله تعالى- لا يحتاج إلى تأمل لظهوره.
وفي هذا غُنيةٌ وكِفَايةٌ للمُطالعِ، وفي الجعبةِ غيره لو تركتُ للقلمِ مجالاً، ولكن الآمر -شيخنا- مُطاع في ما أمره من الايجاز.
المَطْلَبُ الثامن
في الرَّدِ على الحُجَةِ الرابعة
¥