كما أنه قد خصص ليلة الجمعة من كل أسبوع لإلقاء كلمة من أحد الطلاب قبل الدرس والشيخ في مجلسه في الدرس يستمع، ثم يعلق الشيخ رحمه الله على الكلمة؛ وكم في هذه الطريقة من تعويد للطلاب على الإلقاء! خامساً: حفظ المتون كان رحمه الله يولي هذا الموضوع أهمية خاصة؛ حيث كان يسمِّع بنفسه للطلاب ولا يكتفي بواحد أو اثنين بل ربما ذهب جزء كبير من الدرس للحفظ، وكان يقول: «لم يبق معنا شيء إلا ما حفظناه في الصغر».
المحور الثالث: المجالات التي بذل علمه من خلالها: ولعل هذا الباب هو صلب دراستنا عن شيخنا رحمه الله؛ وعليه فإن المجالات التي من خلالها بذل علمه تتلخص فيما يلي: أولاً: الدروس العلمية.
ثانياً: الدروس العامة والمحاضرات.
ثالثاً: اللقاءات.
رابعاً: الفتوى.
خامساً: ذهابه وإيابه من المسجد.
سادساً: منبر الجمعة.
سابعاً: التعليم النظامي.
ثامناً: عبر الإذاعة.
تاسعاً: عبر بعض الصحف والمجلات.
عاشراً: عبر الشريط.
الحادي عشر: الإنترنت.
ودونك تفصيل ما سبق: أولاً: الدروس العلمية: وهذه أساس عطائه، وقد كانت على فترتين: الأولى: دروس ما بعد صلاة المغرب حتى الإقامة لصلاة العشاء.
وهي في جميع أيام الأسبوع وطيلة العام ما عدا شهر رمضان ما دام الشيخ في عنيزة حتى في أيام الامتحانات، إلا أن الدراسة في هذه الفترة أعني فترة الامتحانات تقتصر في الغالب في جميع الليالي على قراءة صحيح البخاري و مسلم أو تصحيح كتاب في الفترتين.
وما أذكر أن الشيخ تخلف عن درس المغرب إلا لعارض مع أنه قد يأتي ولو في آخر الوقت إذا عرض له عارض حرصاً منه على الاستمرار وعدم الانقطاع مستحضراً ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» [3] هذه الفترة كانت بعد صلاة المغرب حتى أذان العشاء فقط، ثم ينتقل الشيخ بعد أذان العشاء لدرس لعموم الناس حتى الإقامة وذلك في مشكاة المصابيح أو بلوغ المرام، وهذه الطريقة كانت حتى عام 1400 هـ تقريباً.
وحينما زاد عدد الطلاب غلَّب الشيخ حاجتهم إلى هذا الوقت، فجعل الوقت كله من بعد صلاة المغرب إلى إقامة صلاة العشاء للدروس العلمية للطلاب.
وكانت على ما يلي: أولاً: من بعد صلاة المغرب حتى أذان العشاء، وكانت على النحو الآتي.
ليلة السبت: حديث، «بلوغ المرام».
ليلة الأحد: فقه، «زاد المستقنع».
ليلة الإثنين: حديث، «بلوغ المرام».
ليلة الثلاثاء: فقه، «زاد المستقنع».
ليلة الأربعاء: تفسير، من أول القرآن، ولم يكن هناك كتاب بين يدي الطلاب بل كان الشيخ يشرح من المصحف مباشرة.
ليلة الخميس: صحيح البخاري، وصحيح مسلم.
ليلة الجمعة: تفسير.
مع تقديم وتأخير أحياناً وبشكل نادر مراعاة لأحوال الطلبة.
ثانياً: ما بعد أذان العشاء الآخرة حتى الإقامة: كانت هذه الفترة تدرس بها مختلف الفنون على فترات، وذلك مثل العقيدة: كتاب التوحيد، العقيدة الواسطية، والفرائض: الكافي في الفقه.
والسيرة النبوية: نور اليقين.
واللغة: ألفية ابن مالك، قطر الندى.
وغيرها مما يكون عارضاً.
وبهذه المناسبة فإنه رحمه الله لم يكن ينظر متى ينتهي من الكتاب، أو أن طول السنين ستوهن من عزيمته، بل هو سائر على طريقته دون تغيير لمنهجه في الطرح العلمي، وإشباعه المسألة بحثاً.
حتى إنه قيل له مرة حينما بدأنا ببلوغ المرام على هذه الطريقة: يا شيخ! قد نحتاج إلى عشرين سنة لإنهائه! فما كان منه إلا أن استمر في طريقته حتى أنهى الكتاب والحمد لله، وقد بُدئ بالكتاب حوالي سنة 1400هـ وأنهاه سنة 1417هـ وذلك بعد قرابة ثمانية عشرة سنة.
هذا وقد كانت بعض دروس هذه الفترة في الآونة الأخيرة تنقل عبر الهاتف إلى بعض مدن المملكة، بل وإلى البحرين، حتى إن الشيخ رحمه الله كان يقسم الأسئلة بعد نهاية الدرس بين طلابه الحاضرين والذين في البحرين في وقت واحد.
الثانية: الدراسة الصباحية: وهذه في الجامع الكبير في عنيزة، وكانت إلى ما قبل عام 1400هـ داخل مكتبة الجامع «المكتبة الوطنية» وهي مكتبة ملحقة ببناء الجامع يوم كان بناؤه من اللبن والطين، ثم لما كثر الطلاب بعد ذلك خرج منها إلى أروقة الجامع.
¥