والذي يظهر ــــ والعلم عند الله ــــ أن الصواب ما ذهب إليه الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وذلك من وجهين:
الأوّل: التوكل عبادة قلبية ممّا ينبغي أت تخلص لله وحده لا شريك له، فكما أن على العبد أن يخلص لله القصد والإرادة والنية، فلا يشرك مع الله غيره في نيته وقصده إرادته، فكذلك التوكل، فإن مال قلبه بالاعتماد على غير الله فقد وقع في الشرك الأصغر، كما أنه إن مال قلبه بالقصد لغير الله فقد وقع في الشرك الأصغر وهو الرياء.
وكما أنّ الرياء لا يكاد يسلم منه أحد، ولذاك خافه الرسول صلى الله على خيار الأمة صحابته رضي الله عنهم، فكذلك ميل القلب بالتوكل على غير الله، لا يكاد يسلم منه أحد لما جُبل عليه المخلوق من الالتفات إلى الاعتماد على الأسباب المحسوسة، (وتأمّل أني أقول الالتفات) لأن انفكاك هذا الميل مع قصد الأسباب لاتّخاذها، من الصعوبة بمكان، بل قد لا يتصور الافنكاك، كما هو الحال في مسألة القدر المشترك في الصفات بين الخالق والمخلوق.
ومن هنا كان تحقيق التوحيد الخالص لله الواحد الأحد من أرقى المقامات، وأعظم الغايات التي يسعى إلى تحقيقها، أهل الهمم العالية، الذين عرفوا عظمة الرب سبحانه وقوته وقهره وبطشه، فخافوا أن يشركوا به غيره في الأقوال والأفعال والمقاصد، وبذلك استحقوا ثواب من حقق التوحيد وهو دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب نسأل الله الكريم من واسع فضله.
الثاني: أن ذلك مستفاد من قوله جلّ في علاه: {وعلى الله فتوكّلوا إن كنتم مؤمنين} والجار والمجرور (على الله) متعلق بمحذوف معمول للفعل المتأخر (فتوكّلوا) والتقدير (فتوكّلوا على الله) فقدّم ما حقّه التأخير من أجل الحصر أي: لا تتوكّلوا إلا على الله وحده، كقوله سبحانه (إيّاك نعبد) قدّم المفعول وهو الضمير المنفصل (إيّاك) على الفعل والفاعل (نعبد) لأجل هذه النكتة أيضا، فتقدير الكلام: لا نعبد إلا إياك,
وعليه لا يصح صرف التوكل مهما كان إلا لله جلّ وعلا دقه وجلّه.
ومع ذلك لا تثريب على من قال ذلك ممن استند إلى فتوى هؤلاء الأخيار الأئمة الأبرار رحم الله ميّتهم، وحفظ الله وأمّد في عمر حيّهم.
أسأل الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد أن يوفقني وإخواني إلى تحقيق التوحيد وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أدنى من ذلك
وصلى الله على نبيّنلامحمد وعلى آله وصحبه وسلّم
ـ[أحمد الصدفي]ــــــــ[01 - 07 - 09, 07:49 م]ـ
بارك الله فيكم
تعليق التوكّل بالمخلوق فيه تفصيل: فإن كان توكل ذل وخضوع بحيث يعتمد على المخلوق اعتمادًا مطلقًا؛ فهو شرك، لأن هذا النوع من التوكل عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، وهذا هو التوكل الشرعي.
وإن كان التوكل اعتمادًا مجردًا على شخص مع اعتقاد أنه سبب وأن الأمر بيد الله؛ فلا بأس في تعليق التوكل به؛ إذهو من جنس الأسباب، وهذا داخل في معنى التوكل في اللغة.
ونظير ذلك الاستعاذة، والاستغاثة، فهي عبادات ومع ذلك وردت النصوص بجواز تعليقها بالمخلوق، وعليه فتعليل المنع بكون التوكل عبادة قلبية
غير صحيح. والله أعلم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[02 - 07 - 09, 02:25 م]ـ
فالخوف عبادة قلبية.فما توجيه ذلك؟
وفقك الله
الخوف نوعان:
خوف السر وهو المراد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لا يخاف إلا الله.
والخوف الطبيعي بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: والذئب على غنمه.
وخوف الإنسان من المؤذيات طبيعي لا شيء فيه.
* كنت قد سألت الشيخ البراك قديما:
أن العامة يريدون بقولهم: أتوكل على الله ثم عليك أو "اتكل عليك" معنى الوكالة لا معنى التوكل؟
فقال: نعم هذا معروف والحكم يختلف باختلاف مراده، لكن يمنعون منه لأن اللفظ يفهم منه معنى العبادة.
معنى كلامه حفظه الله.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[02 - 07 - 09, 02:57 م]ـ
عبد الرحمن السديس
ياشيخ عبدالرحمن افتح رسائلك الخاصة أريدك في أمر لو تكرمت
ـ[أبو الحسن محمد المصري]ــــــــ[16 - 11 - 09, 01:48 م]ـ
¥