تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الكلام الأخير مع احترامي لك مغالطة _ غير مقصودة إن شاء الله _، لأنه لا تلازم بين النصوص الصريحة وتحقق الإجماع، لهذا السبب لعلك قلت فيما بعد (لأن الدليل لا يقتضي الخلاف وهو مظنة الإجماع)، فلا ينبغي إذا تصوير القضية أنه إذا كانت النصوص صريحة سيجمع الناس عليها، ولن آت بجديد إذا نصحت نفسي وإياك بقراءة (رفع الملام) لابن تيمية لتعلم سبب مخالفة الأئمة للسنن، وأن ذلك قد يكون مع صراحة النصوص، لكني أزيدك بيانا أن هناك غير هذه الأسباب ذكرها غير ابن تيمية كابن حزم.

فقولك بعد (أن فرض المسألة في المسائل الخلافية) وفي ظنك أنك قد تخلصت من فرض صراحة النصوص فيها ذهول منك لما سطرته قبل قليل، وليس في ذلك عتب عليك، لكن لا تظن أن عدول الأئمة كانوا إما جهلة لا يقيمون للمسائل الفقهية وزنها، وإما أهل تشهّي وهوى ونبز، فرموا أهل الرأي بذلك الاسم في مسائل دقيقة خلافية ليس فيها نصوص صريحة و .. وو ..... إلى غير ذلك من الأوهام التي تخفف من شأن مخالفة السنن _ وأنا لا أظنك تعني ذلك _، لكن لا يدفعنا الدفاع عمن نحسن به الظن أن نسيء القول في نقلة الدين، وهذا لازم لك وليس قولك إن لم ترده.

ثم العجب يزداد من قولك بعد (فإذا وجد الإجماع الصحيح القطعي فالغالب أنه الحق عند الله لما ورد في الأثر .. )، أخي ما موضع كلمة (فالغالب) هنا من المعنى، فدليلك المذكور لا يقف عندها، أم أنك ترى أن الإجماع الصحيح القطعي أحيانا يكون خطأ في نفس الأمر!! أظن أن هذه الكلمة وقعت منك سهوا.

لكن يبقى السؤال: كيف يقع عندك الإجماع الصحيح القطعي؟ هل بوقوفك على جميع الأقوال، أم باستفراغك البحث، أم بنقل أهل التخصص، أم بماذا؟ ولا تنسى أن أي صورة تعلم بها الإجماع المزعوم عن طريق النقل يجري فيها ما يجري في غيرها من الظن، فلا لديك إجماع ولا تواتر على النقل _ وهذا على طريقتك _، فقد يكون _ على طريقتك _ نقل الإجماع خطأ في نفس الأمر، وهذا هو نفس الإيراد في خبر الآحاد والمتواتر _ لعلك تعلم ما أعني _.

الرابع: قولك _ بارك الله فيك_ عن الحق: (وفي مسائل العلم هو الصحيح في واقع الأمر , وليس بالنسبة لمعتقده، ونحن فرقنا بين الحق الذي هو بمقتضى ظاهر الأدلة وهو الذي يمكن أن ينافح عنه كل من شهر سيف الدليل ضد مخالفه، والحق الذي هو عندالله .. ) قلت لك منذ البداية ما سطرته ليس له علاقة بكلام العلماء بالتخطئة والتصويب للشخص الواحد أو لطائفة، وهل شهر السيف في هذا الباب إلا لبيان الخطأ ورده، ورغم هذا أقول هناك مسائل يقطع بخطأ المخالف على القسم الثاني من قولك.

الرابع: يظهر لي أن المشكلة الحقيقية في المسألة أنه قد ذكر فيها اسم الإمام أبي حنيفة، وهذا ظاهر من بعض التعقبات، ثم لعله زاد الأمر أن ضبطت المسألة بموافقة قول الحنفية ترجيح بعض المحققين.

الخامس: الأخ أبو خالد السلمي قولك ترجيح العلماء المحققين ممن ذكرت عليهم رحمة الله وغيرهم لمذهب الأحناف يحتاج إلى توضيح، وهو أن العلماء المحققين لم يرجحوا قول الحنفية على أهل الحديث، وإنما على قول أحمد أو مالك أو الشافعي أو كلهم أو بعضهم، وأهل الحديث ليسوا هؤلاء فقط، وإن كانوا من أئمتهم، نعم قد تجد العلماء يعزون القول الراجح لديهم إلى أبي حنيفة لأنه جرت عادة المؤلفين المتأخرين العزو إلى إمام متبع من المذاهب الأربعة، فهم إذا ذكروا أبا حنيفة ذكروا سلفه بذلك، وإلا جعلوا من بيان خطئه أنه لم يسبق إليه ولم يوافقه عليه غيره.

السادس: الأخ الناصري لا ينبغي أن يتعصب أي تابع لمتبوعه، مهما علا كعبه في العلم والدين، لكن أهل الحديث كما مر من كلام ابن تيمية ليسوا أتباع رجل معين، وإنما أتباع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، فليسوا أصحاب الصناعة الحديثية فقط كما قد يصوره البعض، وليسوا مجموعة معينة في الأذهان ليس هناك غيرهم، بل هو منهاج متكامل له أئمته وأتباعه، اتفقوا في أمور واختلفوا في أمور هذا كلام مجمل، ولعلك تنظر كتب الخلاف إلى من تعزوا أقوال أهل الحديث.

والتمثيل لا يمنع من التأصيل، خاصة وأنه عند التمثيل قد يتنازع الناس في تحقيق مناط القاعدة في المثال تبعا لاختلاف التصورات والمعارف والمدارس في أمور خارج المسألة، وهذا لا يمنع صحة القاعدة.

السابع: الأخ أبو صالح شافعي؟!

الثامن: الأخ ابن وهب رحمك الله وجميع الأخوة لو تفكرت في تساؤلاتك لكان ثمرتها أن لا يعزى إلى طائفة قول لا إلى حنابلة ولا شافعية ولا غيرهم، والواقع خلاف هذا، لا زال العلماء ينسبون الأقوال إليهم، مع وجود إيراداتك فيهم، تأمل ذلك بارك الله فيك.

الخاتمة: ليس هذا مكان للفتوى وإنما هو مكان المذاكرة والحوار والمناقشة والإفادة، وإلا لما كنت أحد الكاتبين، فمن كان لديه فائدة نستفيدها جميعا، وجزى الله الأخوة خيرا، واعتذر إذا سطرت كلمة لا تليق بي ولا بأخوتي ولا بالعلم.

وللحديث بقية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير