تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

)) (6).

وإسهاماً في هذه النهضة الحديثية المباركة، رجاءً لما عند الله تعالى من عظيم الأجر، وخدمةً لسنَّة الحبيب المصطفى سيِّدنا محمد r ، وطمعاً في اللحاق برَكْب الطائفة المنصورة، كانت هذه الرسالة ((منزلة مدار الإسناد في علم علل الحديث الشريف)) المقدَّمة إلى قسم السنة وعلوم الحديث في كلية أصول الدين – كلية الدراسات العليا – من جامعة أم درمان الإسلامية في جمهورية السودان، أبقاها الله تعالى ذخراً يفيء إليه أبناء المسلمين المقبلين على التعلم والاستفادة.

أسباب اختيار هذا الموضوع:

أولاً: في أثناء دراستي الجامعية في كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية، من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام سنة 1410 كان مقرراً على طلاب السنة الأولى في مادة (الرواة): بحث عن مدارس الرواة وطبقاتهم، وكان ((شرح علل الترمذي))، للحافظ ابن رجب الحنبلي المتوفى سنة 795 رحمه الله تعالى عمدة ذلك البحث، إلى جانب الجزء الصغير، المطبوع باسم ((العلل))، للإمام علي ابن المديني، المتوفى سنة 234 رحمه الله تعالى؛ لكنْ كان التعامل مع تلك المعلومات الكلية – بالنسبة للمقرر الدراسي – بمَعْزِلٍ عن مجاله التطبيقي العملي، فصارت مادةً نظرية، تعتمد على حفظ صِرْفٍ قلَّما يثبت بعد الامتحان – عند كثير من الطلبة! -، لكن رسخ في ذهني وقتها بحمد الله أن ثمة مدرسة مدنية، ومدرسة كوفية، ومدرسة بَصْرية ... لرواة الحديث، وأن أصحاب نافع والزهري وقتادة والأعمش وغيرهم على طبقات ...

ومع المُضي في الطلب والتحصيل، ومزيد الاشتغال بالتخريج والاعتبار: بدأت الأمور تنكشف وتتضح لي رويداً رويداً، وعدت إلى ما درسته في السنة الأولى، فأدركت أن تلك المباحث عن مدارس الرواة وطبقات أصحاب الأئمة إنما هي اللباب من علم العلل، الذي هو روح علوم الحديث، وأدركت أن الاعتناء بتلك المباحث كان هو أساس الحفظ الراسخ للأسانيد في عصور الأئمة الحفاظ الجهابذة رحمهم الله، وبذلك الحفظ كانوا يكتشفون العلل ويدركونها، وأدركت أن بناء الملكة النقدية الحديثية يفتقر إلى التصور الكلي عن مدارس الرواة، وطبقات أصحاب الأئمة المكثرين منهم.

وإلى جانب هذا كنت ألحظ في أثناء التخريج: أن من بين هؤلاء الأئمة من التابعين الذين تلتقي عندهم طرق الأحاديث: أئمة تدور عليهم أحاديث كثيرة جداً كالزهري وقتادة والأعمش وغيرهم رحمهم الله، وأن غيرهم يقل عدد حديثه حتى لا يكون لبعضهم إلا حديث أو حديثان. ولما وقفت مرة ثانية على كلمة الإمام علي ابن المديني رحمه الله: ((نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة ...... )) تكاملت في الذهن صورة هذا الأصل من علم العلل، التي أحاول بعون الله وتوفيقه تبيانها في هذا البحث.

وقدَّر الله عز وجل لي الالتحاقَ بقسم الدراسات العليا من فرع دمشق لجامعة أم درمان الإسلامية (شعبة السنة وعلوم الحديث)، وأكرمني الله تعالى بدراسة تلك المباحث من جديد عن مدارس الرواة وطبقات أصحاب الأئمة من كتاب ((شرح علل الترمذي))، لابن رجب رحمه الله، عند شيخنا العلامة المحدِّث د. نور الدين عتر حفظه الله وأدام النفع به، وازداد التعلق بهذا الأصل من علم العلل، فكان باعثاً لاختياره موضوعاً لهذا البحث المقدم لنيل الدرجة العلمية (العالِمية).

ثانياً: ومن أسباب اختيار هذا البحث: أداء قسط من دَين في عنق الأمة لم يُوفَّ منذ قرون بشهادة الإمامين الجليلين: الذهبي وابن رجب الحنبلي رحمهما الله تعالى.

فقد قال الإمام الذهبي المتوفى سنة 748 رحمه الله معلقاً على كلمة الإمام عثمان بن سعيد الدارمي، المتوفى سنة 280 رحمه الله: ((يقال: من لم يجمع حديث هؤلاء الخمسة، فهو مفلس في الحديث: سفيان، وشعبة، ومالك، وحماد بن زيد، وابن عيينة. وهم أصول الدين) قال الذهبي: ((يريد أنه ما بلغ درجة الحفاظ، وبلا ريب أن من جمع علم هؤلاء الخمسة، وأحاط بسائر أحاديثهم، وكتبه عالياً ونازلاً، وفَهِم علله، فقد أحاط بشطر السنة النبوية؛ بل بأكثر من ذلك، وقد عُدم في زماننا من ينهض بهذا أو ببعضه!، فنسأل الله المغفرة ... )) (7)، فأبان الذهبي بهذا أن هؤلاء الخمسة ممن تدور عليهم السنن، وأن جمع أحاديثهم ومعرفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير