[التقريب لمعالم منهج ابن حجر في تقريب التهذيب]
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[12 - 11 - 05, 02:12 م]ـ
[التقريب لمعالم منهج ابن حجر في تقريب التهذيب]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى أتباعه الصادقين إلى يوم الدين، وبعد
ففي هذا الكتاب دراسة وجيزة مركزة لمنهج ابن حجر في نقد الأحاديث والرواة عامة ولمنهجه في كتابه ذي الشأن الخطير (تقريب التهذيب) خاصة، متضمنة طائفة من التنبيهات والإيرادات والمناقشات على أهم ما جرى عليه في كتابه هذا أو صرح به فيه من القواعد والضوابط والمصطلحات.
إن معرفة منهج ابن حجر في النقد على التفصيل الأكمل أمر في غاية النفع عند المشتغلين بالحديث، وذلك لسببين:
أولهما: كثرة كتبه في الرجال والتخريج، وكثرة ما حوته تلك الكتب من أحكام له على الأحاديث ورواتها؛ والمكثرون من النقاد لا بد من أن تكثر وتشتد العناية بتفاصيل مناهجهم من قِبل علماء الحديث والباحثين في علومه.
وثانيهما: شهرته وشهرة كتبه وكثرة اعتماد أهل العلم والبحث عليها قديماً وحديثاً، فلقد حكم الناس على آلاف الأحاديث معتمدين اعتماداً كلياً أو شبه كلي على أقوال ابن حجر في الرواة والأسانيد!
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا هو أنه لا غنى بمن يريد أو يحاول ـ مجتهداً لا مقلداً ـ معرفة منهج ابن حجر في (تقريب التهذيب) وشروطه فيه، من التعرض لقدرٍ كافٍ من هذه الأمور التالية أو لجميعها:
الأول: استقراء أحكام ابن حجر على الرواة في كتابه (التقريب) خاصة، وأحكامه عليهم في كتبه الأخرى عامة، ومقارنتها بأقوال كثير من كبار الأئمة ومعتدليهم.
الثاني: استكشاف منهجه في كتابه (تهذيب التهذيب) بدقة وتعميق، إذ هو أصل التقريب، ومنه مادته إلا ما ندر.
الثالث: جمع ما صرح هو نفسه به من طريقته في نقد الأحاديث ورواتها، وما يتعلق بتلك الطريقة، وجمع ما نص عليه أو اختاره أو أقره من قواعد وضوابط في النقد في كتبه، وكذلك ما صرح به هو من بيان مناهج من تقدمه من العلماء وصفات نقدهم، فإن وصفه لمناهج العلماء الذين عُرفت مناهجهم، يبين جانباً من مسلكه في النقد، لأن العالم، إذا وصف ناقداً أو طريقته، وحكم عليها بشيء من اعتدال أو تساهل أو تشدد أو إصابة أو خطأ، أو غير ذلك، فهو في الحقيقة، إنما يقارن طريقته بطريقة نفسه، أو بالمنهج الذي يرتضيه؛ وبه يتبين أيضاً – ولو على وجه التقريب - قدر اعتماده كلام كل ناقد.
وهذه القواعد والضوابط التي صرح بها كثيرة موزعة على كثير من كتبه، ولا سيما المختصة بالمصطلح كالنزهة والنكت [ولكن وقف ابن حجر فيما بيضه من هذا الكتاب أو ما وصلنا منه قبل باب الجرح والتعديل، وهو أهم ابواب المصطلح، وكلام مثل ابن حجر في مثل هذا الباب مما تشتد الحاجة اليه، فهو امام المتأخرين في هذا الفن، ولو تكلم فيه في النكت لبان منهجه أكثر؛ ولكن قدر الله ما كان دون ما لم يكن، والحمد لله].
وكذلك له جملة طيبة متناثرة من الكلام الداخل في هذا الباب في كتابه الكبير (فتح الباري)، ولاسيما في (مقدمته)، وله أيضاً فوائد وقواعد ومهمات، وتنبيهات اصطلاحية، في كتابيه الكبيرين (التهذيب) و (اللسان).
الرابع: التعرض والمناقشة لأهم ما وُصِف به ابن حجر مما يتعلق بما نحن بصدده، من قِبل العلماء السالفين، أو العلماء والباحثين المعاصرين، سواء صواباً كان ذلك الوصف أم خطأ، وكذلك مناقشة أهم ما وصف به كتاب (تقريب التهذيب) وأهم ما تعقبه به العلماء والباحثون، ولقد جرني البحث في ذلك إلى انتقاد كتاب (تحرير التقريب) الذي ألفه المحققان الفاضلان البارعان الشيخ شعيب الأرنؤوط والدكتور بشار عواد معروف، وهو أحسن ما رأيته من الكتب المؤلفة لخدمة (تقريب التهذيب) ونقده وتكميله؛ ولعل في جهود بعض الدارسين ممن خدموا (التقريب) ما هو أفضل، ولكني لم أقف عليه.
الخامس: دراسة أحاديث رجال الكتاب بتبحر وإتقان.
¥