[الاحتجاج بالحديث المرسل للشيخ سلمان العودة]
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[27 - 05 - 05, 06:56 ص]ـ
العنوان الاحتجاج بالحديث المرسل.
المجيب سلمان العودة
المشرف العام
التصنيف السنة النبوية وعلومها/أحكام على الرجال
التاريخ 3/ 6/1422
السؤال
اضطربت أقوال الناس في الاحتجاج بالحديث المرسل، فما خلاصة ذلك؟ وما القول الراجح منها؟ - وفقكم الله -، وهل نقول مثلما قال شعبة:" إذا حدثتكم عن رجل فقد حدثني هذا الرجل، وإذا قلت: قال فلان، فقد حدثني غير واحد "؟
الجواب
اختلف الأئمة في الاحتجاج بالحديث المرسل على أقوال، أشهرها ثلاثة:
القول الأول: عدم الاحتجاج بالحديث المرسل.
حكى الإمام مسلم في (مقدمة صحيحه) في أثناء كلامه:" المرسل في أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة " (ص 30).
وقال الترمذي: والحديث إذا كان مرسلاً، فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث، وقد ضعفه غير واحد منهم _ (العلل الصغير في آخر سننه) (5/ 753).
وقال ابن أبي حاتم في (المراسيل):" وسمعت أبي وأبازرعة، يقولان:" لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة "، قال:" وكذلك أقول أنا "– (ص 7).
وقال ابن رجب في (شرح علل الترمذي):" وحكاه الحاكم عن جماعة من أهل الحديث من فقهاء الحجاز "، ثم قال:" وظاهر كلام أحمد أن المرسل عنده من نوع الضعيف ". (1/ 280، 312).
وقال ابن حجر في (النكت على ابن الصلاح): وهو الذي عليه عمل أئمة الحديث، واحتجوا بأن العلماء قد أجمعوا على طلب عدالة المخبر، وإذا روى التابعي عمن لم يلقه لم يكن بداً من معرفة الواسطة، ولم يتقيد التابعون بروايتهم عن الصحابة، بل رووا عن الصحابة وغيرهم، ولم يتقيدوا بروايتهم عن ثقات التابعين، بل رووا عن الثقات والضعفاء، فهذه النكتة في رد المراسيل، قاله بمعناه ابن عبد البر – (ص 202).
القول الثاني: الاحتجاج به.
قال الترمذي في آخر (سننه) (5/ 755):" وقد احتج بعض أهل العلم بالمرسل أيضاً ".
وقال أبو داود في (رسالته إلى أهل مكة):" والمراسيل قد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلم فيها، وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره - رضوان الله عليهم - (ص25).
وذكره الحاكم في (المدخل) عن إبراهيم النخعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبي حنيفة، وصاحبيه – (ص 12).
وقال ابن رجب:" وحكى الاحتجاج بالمرسل عن أهل الكوفة، وعن أهل العراق جملة ". (شرح العلل 1/ 296).
القول الثالث: التوسط في الاحتجاج بالمرسل فيقبله بشروطه. وهذا رأي الإمام الشافعي – وتبعه عليه بعض العلماء – ملخص هذه الشروط:
أ / أن يكون المرسل من كبار التابعين.
ب / وإذا سُمِّي من أرسل عنه سُمِّي ثقة.
ج / وإذا شاركه الحفاظ لم يخالفوه.
د / وأن ينضم إلى ذلك أحد الأمور التالية:
1/ أن يروى من وجه آخر مرسلاً، أرسله من أخذ العلم من غير رجال المرسل الأول.
2/ أو يوافق قول أو عمل صحابي.
3/ أو يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم.
ينظر في هذا (الرسالة) للشافعي (ص 461، 467)، (شرح العلل) لابن رجب (1/ 299 - 310)، و (النكت على ابن الصلاح ص 206)، (تيسر مصطلح الحديث ص 72)، و (الكفاية ص 391) (مقدمة التمهيد)، وغيرها.
والخلاصة: قال ابن رجب: "واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب، فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين، إذا كان مرسلاً، وهو ليس بصحيح على طريقهم؛ لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث، فإذا أعضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلاً قوي الظن بصحة ما دل عليه، فأصبح به مع ما احتف به من القرائن، وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة، كالشافعي، وأحمد، وغيرهما، مع أن في كلام الشافعي ما يقتضي صحة المرسل حينئذ ". (شرح العلل 1/ 297).
فتبين من هذا أن الأئمة الحفاظ يعتبرون المرسل من قبيل الضعيف لانقطاعه وعدم اتصاله، ولأنهم أجمعوا في حد الصحيح: ما يرويه عدل تام الضبط بسند متصل من غير شذوذ ولا علة.
وأما قول السائل: أم نقول: إن من قال مثل مقولة شعبة؟ " إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فقد حدثني به هذا الرجل ...... ".
قلت: ما نقله السائل غير دقيق، وفيه خلط، صوابه: إبراهيم النخعي بدل شعبة، ونصه ما أخرجه الترمذي في آخر سننه (العلل الصغير) (5/ 755) من طريق شعبة عن الأعمش، قال: قلت: لإبراهيم النخعي، أسند لي عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - فقال إبراهيم:" إذا حدثتك عن رجل عن عبد الله، فهو الذي سميت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله "وانظر (شرح العلل لابن رجب 1/ 294، وتهذيب الكمال 2/ 239).
قال ابن رجب – رحمه الله -:" وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة، فيما أرسله عن ابن مسعود – رضي الله عنه - خاصة ".
وقد قال أحمد في مراسيل النخعي: "لا بأس بها "، وقال ابن معين:" مرسلات إبراهيم صحيحة، إلا حديث تاجر البحرين انظر نصب الراية (1/ 51) ومصنف ابن أبي شيبة (8162).
وحديث الضحك في الصلاة " انظر نصب الراية (1/ 51)، وسنن الدارقطني (1/ 171).
وقال البيهقي:" والنخعي نجده يروي عن قوم مجهولين، لا يروي عنهم غيره، مثل: هني بن نويرة، وخزامة الطائي، وقرثع الضبي، ويزيد بن أوس وغيرهم "– (شرح العلل 1/ 294 - 295) قلت: وكذا ذكر الحاكم عن إبراهيم النخعي أنه يدخل بينه وبين أصحاب عبد الله – رضي الله عنه - مثل: هني بن نويرة، وسهم بن منجاب، وخزامة الطائي، وربما دلس عنهم – (معرفة علوم الحديث ص 108)، فتبين من هذا أن هذا الحكم في إبراهيم النخعي خاصة، عن ابن مسعود – رضي الله عنه - خاصة، وأن بعض الأئمة يصححها، ولعل مرادهم إن كان ثمة قرائن، حملاً على ما تقدم.وأن بعض الأئمة نص على أنه يروي عن ضعفاء كما قال الحاكم وتلميذه البيهقي مما يؤثر على مراسيله. والله أعلم.
المصدر ( http://www.islamtoday.net/pen/show_question_*******.cfm?id=3493)
¥