تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف تستخرج منهج إمام من أئمة نقد الأخبار وتعليلها]

ـ[طارق العودة]ــــــــ[04 - 05 - 05, 12:36 ص]ـ

إن الحديث عن منهج إمام من أئمة العلم، ومحاولة استنباط الأصول والقواعد التي يسير عليها في تقريره لمسائل العلم؛ يُعدُّ من الأمور المهمَّة جداً، وخاصةً في علم العلل؛ ذلك لأنّ علم علل الحديث علمٌ فيه شيءٌ من الغموض والخفاء، وقد خصّ الله نفراً من عباده بفهم هذا العلم، والبروز فيه، حتى شهدت الأمة لهم بذلك، فمحاولة تتبع واستقراء جملةٍ من تعليلاتهم وأحكامهم على الأحاديث، واستنباط الفوائد والمسائل منها مما يُجلي قواعد هذا العلم وضوابطه لمن بعدهم.

ودراسة المنهج في الوقت ذاته من أصعب الأمور التي يمكن إثباتها؛ نظراً لأنه يحتاج إلى عدة أمور، ومنها:

استقراء كتب العالم أو أكثرها - إن كانت له كتبٌ موجودة -، وجمْع ما تفرّق من كلامه، وعباراته، وتعليلاته، مع ضمِّ المتشابه من هذه المسائل بعضها إلى بعض، والخروج بسبب أو علاقة بين ما تشابه من هذه المسائل، بإعمال الذِّهن والنظر، من غير تكلُّفٍ ولا تمحُّلٍ، لأنّ على الباحث أنْ يستحضر أنّ هذا الإمام بشرٌ غير معصوم، يطرأ عليه التناقض، والخطأ، والنسيان، وارتجال العبارات والكلمات، فقد لا تُسعفه الكلمة المناسبة فيُعبّر بغيرها، وهذه طبيعة البشر، فلا يلزم أن تكون كل كلمةٍ منه لها منطوقٌ يكون لها مفهومٌ مقصودٌ، أو أنّ إجماله في موطن لنكتة، وتبيينه في موطنٍ آخر لفائدة، مع أنّه قد يكون ثَمَّ نكتةٌ أحياناً، ولكن لا يلزم اطّراد هذا في كل موضع، وإنما يُستفاد من منطوق لفظ المتكلم ومفهومه، وإجماله وبيانه، وسكوته، وإطلاقه وتقييده، ويكون كلُّ ذلك لحكمةٍ وفائدة مرادة في نصوص الشارع الحكيم وهي الكتاب والسُنّة، قال تعالى: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيراً.

وهذا لا يحتاج إلى استدلال فهو مما تألفه العقول والفِطر، ومن شواهد ذلك في العلل على وجه الخصوص أنّ الإمام قد يُعلُّ حديثاً ما، ولا يذكر سبب الإعلال، ولا وجهه، ولا الصواب في الحديث، وتجده في أحكامه على أحاديث أُخرى، يذكر كل هذا، لا لأنّ هذا مقصودٌ بناءاً على منهجٍ مطردٍ عنده، بل أحياناً لأنّه ظهر له سبب العلة وكافة ما يتعلق بها من أمور، وهذا من توفيق الله، وفي الموضع الآخر لم يظهر له شيءٌ، يُنظر العلل (2/ 1462) لابن أبي حاتم.

ولهذا فلا شكّ أنّ دراسة منهج أيّ إمامٍ أمرٌ في غاية الصعوبة، فهو يحتاج - إضافةً إلى ما سبق من الأمور- إلى صبرٍ وعملٍ طويل، وزمن مديد، وتفرّغٍ وانصرافٍ كاملٍ لهذا الشأن، وعدم إدخال غيره من المسائل عليه، وقبل ذلك كله إخلاصٌ وصدقٌ وصلاح نيةٍ مع ابتهالٍ إلى الله تعالى بالتوفيق والإعانة، حتى تكون النتائج على مستوى الدراسة.

فعلى الباحث أن يجتهد - بعد توفيق الله - في إعمال الذهن والنظر قدر الوسع والطاقة في توضيح أصول منهجه الإمام المحدث الذي يدرسه في ضوء ما تبيّن له من خلال أحاديث الدراسة.

ومن اهم ما يبين المنهج عدة مسائل:

أولها: يتعلق بأنواع العلل التي وقعت في أحاديث الدراسة.

والثاني: طرق ووسائل كشف العلة ومعرفتها عند هذا الناقد.

والثالث: عباراته في الإعلال والترجيح.

والرابع: القرائن التي يظهر لي أنّه أعملها في الترجيح بين الروايات.

والخامس: آرائه في مسائل علوم الحديث.

وليعلم أن منهج أي ناقد من النقاد الأوائل في هذا العلم، سائر في ركب من سلف من علماء الحديث وعلله جملة وتفصيلاً، إلا في النَّادر الذي لا يؤثّر على الأصل.وللحديث بقية بإذن الله.

ـ[هشام الحلاّف]ــــــــ[04 - 05 - 05, 05:59 م]ـ

جزاك الله خيراً على هذه الفائدة ..

وبإنتظار المزيد منك، وفقك الله لكل خير.

ـ[خالد بن علي]ــــــــ[04 - 05 - 05, 11:55 م]ـ

شكر الله لكم أخانا الكريم, وجعلنا وإياكم ممن يتتبعون نهج أئمة هذا العلم المبارك , ونشكوا إلى الله زماننا الذي تطاول فيه الصغار على الأئمة الأعلام.

ـ[خادمة السنة]ــــــــ[10 - 05 - 05, 02:37 ص]ـ

جزاك الله خيرا ننتظر المزيد

ـ[الدكتور مسدد الشامي]ــــــــ[03 - 06 - 05, 12:22 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

شكر الله لأخي الحبيب الشيخ طارق العودة على مقالته و لفتته و لأخي الشيخ هشام الحلاف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير